responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 168

في القسم الأخير الذي ذكرناه.و هو لم يرد سواه.و يقال كان أبو العباس بن عطاء قد خالفه في ذلك و قال:الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر.فدعا عليه الجنيد،فأصابه ما أصابه من البلاء من قتل أولاده،و إتلاف أمواله،و زوال عقله أربع عشرة سنة.فكان يقول دعوة الجنيد أصابتنى.و رجع إلى تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر .

و مهما لاحظت المعاني التي ذكرناها،علمت أن لكل واحد من القولين وجها في بعض الأحوال.فرب فقير صابر أفضل من غني شاكر كما سبق،و رب غني شاكر أفضل من فقير صابر .و ذلك هو الغني الذي يرى نفسه مثل الفقير،إذ لا يمسك لنفسه من المال إلا قدر الضرورة،و الباقي يصرفه إلى الخيرات،أو يمسكه على اعتقاد أنه خازن للمحتاجين و المساكين،و إنما ينتظر حاجة تسنح حتى يصرف إليها.ثم إذا صرف لم يصرفه لطلب جاه و صيت،و لا لتقليد منة،بل أداء لحق اللّه تعالى في تفقد عباده،فهذا أفضل من الفقير الصابر فإن قلت:فهذا لا يثقل على النفس،و الفقير يثقل عليه الفقر،لأن هذا يستشعر لذة القدرة و ذاك يستشعر ألم الصبر.فإن كان متألما بفراق المال فينجبر ذلك بلذته في القدرة على الإنفاق فاعلم أن الذي نراه أن من ينفق ماله عن رغبة و طيب نفس،أكمل حالا ممن ينفقه و هو بخيل به،و إنما يقتطعه عن نفسه قهرا.و قد ذكرنا تفصيل هذا فيما سبق من كتاب التوبة فإيلام النفس ليس مطلوبا لعينه،بل لتأديبها .و ذلك يضاهي ضرب كلب الصيد.و الكلب المتأدب أكمل من الكلب المحتاج إلى الضرب،و إن كان صابرا على الضرب،و لذلك يحتاج إلى الإيلام و المجاهدة في البداية،و لا يحتاج إليهما في النهاية.بل النهاية أن يصير ما كان مؤلما في حقه لذيذا عنده،كما يصير التعلم عند الصبي العاقل لذيذا.و قد كان مؤلما له أولا و لكن لما كان الناس كلهم إلا الأقلين في البداية،بل قبل البداية بكثير،كالصبيان ،أطلق الجنيد القول بأن الذي يؤلم صفته أفضل.و هو كما قال صحيح فيما أراده من عموم الخلق، فإذا إذا كنت لا تفصل الجواب و تطلقه لإرادة الأكثر،فأطلق القول بأن الصبر أفضل من الشكر،فإنه صحيح بالمعنى السابق إلى الأفهام.فإذا أردت التحقيق ففصل،فإن للصبر درجات أقلها ترك الشكوى مع الكراهية،و وراءها الرضا،و هو مقام وراء الصبر،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست