responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 162

تراد للأحوال،و الأحوال تراد للعلوم،فالأفضل العلوم،ثم الأحوال،ثم الأعمال،لأن كل مراد لغيره،فذلك الغير لا محالة أفضل منه،و أما آحاد هذه الثلاثة،فالأعمال قد تتساوى و قد تتفاوت إذا أضيف بعضها إلى بعض.و كذا آحاد الأحوال إذا أضيف بعضها إلى بعض و كذا آحاد المعارف .و أفضل المعارف علوم المكاشفة،و هي أرفع من علوم المعاملة.بل علوم المعاملة دون المعاملة،لأنها تراد للمعاملة،ففائدتها إصلاح العمل،و إنما فضل العالم بالمعاملة على العابد،إذا كان علمه مما يعم نفعه،فيكون بالإضافة إلى عمل خاص أفضل، و إلا فالعلم القاصر بالعمل ليس بأفضل من العمل القاصر.فنقول.فائدة إصلاح العمل إصلاح حال القلب.و فائدة إصلاح حال القلب أن ينكشف له جلال اللّه تعالى في ذاته، و صفاته و أفعاله.فأرفع علوم المكاشفة معرفة اللّه سبحانه،و هي الغاية التي تطلب لذاتها.

فإن السعادة تنال بها.بل هي عين السعادة.و لكن قد لا يشعر القلب في الدنيا بأنها عين السعادة،و إنما يشعر بها في الآخرة فهي المعرفة الحرة التي لا قيد عليها،فلا تتقيد بغيرها،و كل ما عداها من المعارف عبيد و خدم بالإضافة إليها،فإنها إنما تراد لأجلها،و لما كانت مرادة لأجلها كان تفاوتها بحسب نفعها في الإفضاء إلى معرفة اللّه تعالى،فإن بعض المعارف يفضي إلى بعض،إما بواسطة أو بوسائط كثيرة.فكلما كانت الوسائط بينه و بين معرفة اللّه تعالى أقل، فهي أفضل.و أما الأحوال،فنعني بها أحوال القلب في تصفيته و تطهيره عن شوائب الدنيا،و شواغل الخلق،حتى إذا طهر وصفا اتضح له حقيقة الحق،فإذا فضائل الأحوال بقدر تأثيرها في إصلاح القلب،و تطهيره،و إعداده لأن تحصل له علوم المكاشفة.و كما أن تصقيل المرآة يحتاج إلى أن يتقدم على تمامه أحوال للمرآة،بعضها أقرب إلى الصقالة من بعض،فكذلك أحوال القلب.فالحالة القريبة أو المقربة من صفاء القلب هي أفضل مما دونها لا محالة بسبب القرب من المقصود.و هكذا ترتيب الأعمال،فإن تأثيرها في تأكيد صفاء القلب و جلب الأحوال إليه.و كل عمل إما أن يجلب إليه حالة مانعة من المكاشفة،موجبة لظلمة القلب،جاذبة إلى زخارف الدنيا،و إما أن يجلب إليه حالة مهيئة للمكاشفة،موجبة لصفاء القلب و قطع علائق الدنيا عنه،و اسم الأول المعصية،و اسم الثاني الطاعة و المعاصي من حيث التأثير في ظلمة القلب و قساوته متفاوتة.و كذا الطاعات في تنوير

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست