responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 146

فكيف يتصور الشكر على البلاء؟و كيف يشكر على ما يصبر عليه!و الصبر على البلاء يستدعى ألما،و الشكر يستدعى فرحا،و هما يتضادان؟و ما معنى ما ذكرتموه من أن للّٰه تعالى في كل ما أوجده نعمة على عباده؟.فاعلم أن البلاء موجود،كما أن النعمة موجودة،و القول بإثبات النعمة،يوجب القول بإثبات البلاء،لأنهما متضادان.ففقد البلاء نعمة،و فقد النعمة بلاء.و لكن قد سبق أن النعمة تنقسم إلى نعمة مطلقة من كل وجه،أما في الآخرة فكسعادة العبد بالنزول في جوار اللّه تعالى،و أما في الدنيا فكالإيمان و حسن الخلق و ما يعين عليهما،و إلى نعمة مقيدة من وجه دون وجه،كالمال الذي يصلح الدين من وجه و يفسده من وجه.فكذلك البلاء ينقسم إلى مطلق و مقيد أما المطلق في الآخرة،فالبعد من اللّه تعالى إما مدة و إما أبدا.و أما في الدنيا،فالكفر و المعصية،و سوء الخلق،و هي التي تفضي إلى البلاء المطلق.و أما المقيد فكالفقر، و المرض،و الخوف،و سائر أنواع البلاء التي لا تكون في بلاء الدين بل في الدنيا فالشكر المطلق للنعمة المطلقة.و أما البلاء المطلق في الدنيا،فقد لا يؤمر بالصبر عليه لأن الكفر بلاء،و لا معنى للصبر عليه:و كذا المعصية.بل حق الكافر أن يترك كفره و كذا حق العاصي.نعم الكافر قد لا يعرف أنه كافر،فيكون كمن به علة،و هو لا يتألم بسبب غشية أو غيرها فلا صبر عليه،و العاصي يعرف أنه عاص،فعليه ترك المعصية.بل كل بلاء يقدر الإنسان على دفعه فلا يؤمر بالصبر عليه.فلو ترك الإنسان الماء مع طول العطش،حتى عظم تألمه،فلا يؤمر بالصبر عليه،بل يؤمر بإزالة الألم.و إنما الصبر على ألم ليس إلى العبد إزالته.فإذا يرجع الصبر في الدنيا إلى ما ليس ببلاء مطلق،بل يجوز أن يكون نعمة من وجه.فلذلك يتصور أن يجتمع عليه وظيفة الصبر و الشكر.فإن الغنى مثلا يجوز أن يكون سببا لهلاك الإنسان،حتى يقصد بسبب ماله،فيقتل و تقتل أولاده.و الصحة أيضا كذلك.فما من نعمة من هذه النعم الدنيوية إلا و يجوز أن تصير بلاء،و لكن بالإضافة إليه.فكذلك ما من بلاء إلا و يجوز أن يصير نعمة،و لكن بالإضافة إلى حاله.فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر و المرض،و لو صح بدنه و كثر ماله

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست