responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 136

الموكلين بالسموات و الأرض،و أجزاء النبات و الحيوانات،حتى كل قطرة من المطر،و كل سحاب ينجر من جانب إلى جانب،أكثر من أن تحصى،فلذلك تركنا الاستشهاد به.فإن قلت:فهلا فوّضت هذه الأفعال إلى ملك واحد،و لم أفتقر إلى سبعة أملاك؟و الحنطة أيضا تحتاج إلى من يطحن أولا،ثم إلى من يميز عنه النخالة و يدفع الفضلة ثانيا،ثم إلى من يصب الماء عليه ثالثا،ثم إلى من يعجن رابعا،ثم إلى من يقطعه كرات مدورة خامسا،ثم إلى من يرقها رغفانا عريضة سادسا،ثم إلى من يلصقها بالتنور سابعا، و لكن قد يتولى جميع ذلك رجل واحد،يستقل به،فهلا كانت أعمال الملائكة باطنا كأعمال الإنس ظاهرا؟فاعلم أن خلقة الملائكة تخالف خلقة الإنس.و ما من واحد منهم إلا و هو وحداني الصفة،ليس فيه خلط و تركيب البتة،فلا يكون لكل واحد منهم إلا فعل واحد،و إليه الإشارة بقوله تعالى وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ [1]فلذلك ليس بينهم تنافس و تقاتل بل مثالهم في تعين مرتبة كل واحد منهم و فعله مثال الحواس الخمس.فإن البصر لا يزاحم السمع في إدراك الأصوات،و لا الشم يزاحمهما،و لا هما ينازعان الشم .

و ليس كاليد و الرجل.فإنك قد تبطش بأصابع الرجل بطشا ضعيفا،فتزاحم به اليد،و قد تضرب غيرك برأسك فتزاحم اليد التي هي آلة الضرب.و لا كالإنسان الواحد الذي يتولى بنفسه الطحن،و العجن،و الخبز،فإن هذا نوع من الاعوجاج و العدول عن العدل،سببه اختلاف صفات الإنسان و اختلاف دواعيه،فإنه ليس واحداني الصفة فلم يكن وحداني.

الفعل.و لذلك ترى الإنسان يطيع اللّه مرة و يعصيه أخرى،لاختلاف دواعيه و صفاته.

و ذلك غير ممكن في طباع الملائكة.بل هم مجبولون على الطاعة،لا مجال للمعصية في حقهم، فلا جرم لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون.و يسبحون الليل و النهار لا يفترون.

و الراكع منهم راكع أبدا،و الساجد منهم ساجد أبدا،و القائم قائم أبدا لا اختلاف في أفعالهم و لا فتور،و لكل واحد مقام معلوم لا يتعداه.

و طاعتهم للّٰه تعالى من حيث لا مجال للمخالفة فيهم،يمكن أن تشبه بطاعة أطرافك لك.فإنك مهما جزمت الإرادة بفتح الأجفان،لم يكن للجفن الصحيح تردد و اختلاف


[1] الصافات:164

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست