responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 133

البعض منها بالبعض.فرتبوا الرؤساء،و القضاة،و السجن و زعماء الأسواق،و اضطروا الخلق إلى قانون العدل،و ألزموهم التساعد و التعاون،حتى صار الحداد ينتفع بالقصاب، و الخباز،و سائر أهل البلد،و كلهم ينتفعون بالحداد.و صار الحجام ينتفع بالحراث،و الحراث بالحجام،و ينتفع كل واحد بكل واحد،بسبب ترتيبهم،و اجتماعهم،و انضباطهم تحت ترتيب السلطان و جمعه،كما يتعاون جميع أعضاء البدن و ينتفع بعضها ببعض و انظر كيف بعث الأنبياء عليهم السّلام حتى أصلحوا السلاطين المصلحين للرعايا، و عرفوهم قوانين الشرع في حفظ العدل بين الخلق،و قوانين السياسة في ضبطهم ،و كشفوا من أحكام الإمامة،و السلطنة،و أحكام الفقه ما اهتدوا به إلى إصلاح الدنيا،فضلا عما أرشدوهم إليه من إصلاح الدين.و انظر كيف أصلح اللّه تعالى الأنبياء بالملائكة،و كيف أصلح الملائكة بعضهم ببعض،إلى أن ينتهى إلى الملك المقرب الذي لا واسطة بينه و بين اللّه تعالى فالخباز يخبز العجين،و الطحان يصلح الحب بالطحن،و الحراث يصلحه بالحصاد، و الحداد يصلح آلات الحراثة،و النجار يصلح آلات الحداد،و كذا جميع أرباب الصناعات المصلحين لآلات الأطعمة،و السلطان يصلح الصناع ،و الأنبياء يصلحون العلماء الذين هم ورثتهم،و العلماء يصلحون السلاطين،و الملائكة يصلحون الأنبياء،إلى أن ينتهى إلى حضرة الربوبية التي هي ينبوع كل نظام،و مطلع كل حسن و جمال،و منشأ كل ترتيب و تأليف.و كل ذلك نعم من رب الأرباب،و مسبب الأسباب.و لو لا فضله و كرمه إذ قال تعالى وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا [1]لما اهتدينا إلى معرفة هذه النبذة اليسيرة من نعم اللّه تعالى.و لو لا عزله إيانا عن أن نطمح بعين الطمع إلى الإحاطة بكنه نعمه، لتشوفنا إلى طلب الإحاطة و الاستقصاء .و لكنه تعالى عزلنا بحكم القهر و القدرة،فقال تعالى وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّٰهِ لاٰ تُحْصُوهٰا [2]فإن تكلمنا فبإذنه انبسطنا،و إن سكتنا فبقهره انقبضنا،إذ لا معطى لما منع،و لا مانع لما أعطى،لأنا في كل لحظة من لحظات العمر قبل الموت نسمع بسمع القلوب نداء الملك الجبار لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّٰهِ الْوٰاحِدِ الْقَهّٰارِ [3]فالحمد للّٰه الذي ميزنا عن الكفار،و أسمعنا هذا النداء قبل انقضاء الأعمار


[1] العنكبوت:69

[2] النحل:18

[3] غافر:16

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست