responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 132

و الصنائع الغريبة.فانظر إلى المقراض مثلا،و هما جلمان متطابقان،ينطبق أحدهما على الآخر، فيتناولان الشيء معا و يقطعانه بسرعة.و لو لم يكشف اللّه تعالى طريق اتخاذه بفضله و كرمه لمن قبلنا و افتقرنا إلى استنباط الطريق فيه بفكرنا،ثم إلى استخراج الحديد من الحجر ،و إلى تحصيل الآلات التي بها يعمل المقراض،و عمر الواحد منا عمر نوح،و أوتي أكمل العقول،لقصر عمره عن استنباط الطريق في إصلاح هذه الآلة وحدها،فضلا عن غيرها.فسبحان من ألحق ذوي الأبصار بالعميان،و سبحان من منع التبيين مع هذا البيان.فانظر الآن لو خلا بلدك عن الطحان مثلا،أو عن الحداد.أو عن الحجام الذي هو أخس العمال،أو عن الحائك أو عن واحد من جملة الصناع،ما ذا يصيبك من الأذى،و كيف تضطرب عليك أمورك كلها.فسبحان من سخر بعض العباد لبعض،حتى نفذت به مشيئته،و تمت به حكمته و لنوجز القول في هذه الطبقة أيضا،فإن الغرض التنبيه على النعم دون الاستقصاء

الطرف السابع
في إصلاح المصلحين

اعلم أن هؤلاء الصناع المصلحين للأطعمة و غيرها،لو تفرقت آراؤهم،و تنافرت طباعهم تنافر طباع الوحش،لتبددوا و تباعدوا،و لم ينتفع بعضهم ببعض،بل كانوا كالوحوش لا يحويهم مكان واحد،و لا يجمعهم غرض واحد.فانظر كيف ألف اللّه بين قلوبهم،و سلط الأنس و المحبة عليهم لَوْ أَنْفَقْتَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مٰا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [1]فلأجل الألف و تعارف الأرواح اجتمعوا و ائتلفوا،و بنو المدن و البلاد و رتبوا المساكن و الدور متقاربة متجاورة،و رتبوا الأسواق و الخانات و سائر أصناف البقاع مما يطول إحصاؤه.ثم هذه المحبة تزول بأغراض يتزاحمون عليها،و يتنافسون فيها.ففي جبلة الإنسان الغيظ،و الحسد،و المنافسة،و ذلك مما يؤدى إلى التقاتل و التنافر فانظر كيف سلط اللّه تعالى السلاطين،و أمدهم بالقوة و العدة و الأسباب،و ألقى رعبهم في قلوب الرعايا حتى أذعنوا لهم طوعا و كرها .و كيف هدى السلاطين إلى طريق إصلاح البلاد،حتى رتبوا أجزاء البلد كأنها أجزاء شخص واحد،تتعاون على غرض واحد،ينتفع


[1] الأنفال:63

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست