responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 45

يسمع خطابا،أو يلقى عذابا .و إن كان عند اللّه مستحقا للنار فالخنزير أشرف منه و أطيب و أرفع،إذ أوله التراب،و آخره التراب،و هو بمعزل عن الحساب و العذاب .و الكلب و الخنزير لا يهرب منه الخلق،و لو رأى أهل الدنيا العبد المذنب في النار لصعقوا من وحشة خلقته،و قبح صورته.و لو وجدوا ريحه لماتوا من نتنه،و لو وقعت قطرة من شرابه الذي يسقى منه في بحار الدنيا لصارت أنتن من الجيفة.فمن هذا حاله في العاقبة،إلا أن يعفو اللّه عنه و هو على شك من العفو،كيف يفرح و يبطر،و كيف يتكبر و يتجبر،و كيف يرى نفسه شيئا حتى يعتقد له فضلا.و أي عبد لم يذنب ذنبا استحق به العقوبة؟إلا أن يعفو اللّه الكريم بفضله،و يجبر الكسر بمنه.و الرجاء منه ذلك لكرمه و حسن الظن به،و لا قوة إلا باللّه أ رأيت من جنى على بعض الملوك فاستحق بجنايته ضرب ألف سوط،فحبس في السجن، و هو ينتظر أن يخرج إلى العرض،و تقام عليه العقوبة على ملأ من الخلق،و ليس يدرى أ يعفى عنه أم لا،كيف يكون ذله في السجن ؟أ فترى أنه يتكبر على من في السجن؟و ما من عبد مذنب إلا و الدنيا سجنه ،و قد استحق العقوبة من اللّه تعالى،و لا يدرى كيف يكون آخر أمره فيكفيه ذلك حزنا.و خوفا،و إشفاقا،و مهانة،و ذلا.فهذا هو العلاج العلمي القامع لأصل الكبر و أما العلاج العملي فهو التواضع للّٰه بالفعل و لسائر الخلق،بالمواظبة على أخلاق المتواضعين،كما وصفناه و حكيناه من أحوال الصالحين،و من أحوال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[1]حتى أنه كان يأكل على الأرض و يقول«إنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد»و قيل لسلمان لم لا تلبس ثوبا جديدا؟فقال:إنما أنا عبد،فإذا أعتقت يوما ليست جديدا.أشار به إلى العتق في الآخرة.و لا يتم التواضع بعد المعرفة إلا بالعمل،و لذلك أمر العرب الذين تكبروا على اللّه و رسوله بالإيمان و بالصلاة جميعا ،و قيل الصلاة عماد الدين و في الصلاة أسرار لأجلها كانت عمادا.و من جملتها ما فيها من التواضع بالمثول قائما،و بالركوع و السجود،و قد كانت العرب قديما يأنفون من الانحناء،فكان يسقط من يد الواحد سوطه فلا ينحنى لأخذه،و ينقطع شراك نعله فلا ينكس رأسه لإصلاحه،حتى قال حكيم بن حزام

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست