responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 19

فكأن الإنسان مهما رأى نفسه بهذه العين،و هو الاستعظام،كبر و انتفخ و تعزز.

فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة في النفس من هذه الاعتقادات،و تسمى أيضا عزة و تعظما و لذلك قال ابن عباس في قوله تعالى إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّٰ كِبْرٌ مٰا هُمْ بِبٰالِغِيهِ [1]قال عظمة لم يبلغوها.ففسر الكبر بتلك العظمة.ثم هذه العزة تقتضي أعمالا في الظاهر و الباطن هي ثمرات.و يسمى ذلك تكبرا.فإنه مهما عظم عنده قدره بالإضافة إلى غيره حقر من دونه،و ازدراه،و أقصاه عن نفسه،و أبعده،و ترفع عن مجالسته و مؤاكلته و رأى أن حقه أن يقوم ماثلا بين يديه إن اشتد كبره.فإن كان أشد من ذلك استنكف عن استخدامه،و لم يجعله أهلا للقيام بين يديه،و لا بخدمة عتبته.فإن كان دون ذلك فيأنف من مساواته،و تقدم عليه في مضايق الطرق،و ارتفع عليه في المحافل،و انتظر أن يبدأه بالسلام،و استبعد تقصيره في قضاء حوائجه و تعجب منه.و إن حاج أو ناظر أنف أن يرد عليه،و إن وعظ استنكف من القبول.و إن وعظ عنف في النصح،و إن رد عليه شيء من قوله غضب،و إن علّم لم يرفق بالمتعلمين،و استذلهم،و انتهرهم،و امتن عليهم،و استخدمهم و ينظر إلى العامة كأنه ينظر إلى الحمير،استجهالا لهم و استحقارا.و الأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة،و هي أكثر من أن تحصى،فلا حاجة إلى تعدادها فإنها مشهورة فهذا هو الكبر،و آفته عظيمة،و غائلته هائلة،و فيه يهلك الخواصّ من الخلق،و قلما ينفك عنه العباد،و الزهاد،و العلماء،فضلا عن عوام الخلق.و كيف لا تعظم آفته و قد قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]«لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر »و إنما صار حجابا دون الجنة لأنه يحول بين العبد و بين أخلاق المؤمنين كلها،و تلك الأخلاق هي أبواب الجنة و الكبر و عزة النفس يغلق تلك الأبواب كلها،لأنه لا يقدر على أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه و فيه شيء من العز.و لا يقدر على التواضع و هو رأس أخلاق المتقين و فيه العز.و لا يقدر على ترك الحقد و فيه العز.و لا يقدر أن يدوم على الصدق و فيه العز و لا يقدر على ترك الغضب و فيه العز.و لا يقدر على كظم الغيظ و فيه العز.و لا يقدر على


[1] غافر:56

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست