responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 146

بيان
حقيقة التوبة و حدها

اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم و يلتئم من ثلاثة أمور مرتبة:علم،و حال،و فعل فالعلم الأوّل ،و الحال الثاني ،و الفعل الثالث.و الأوّل موجب للثاني،و الثاني موجب للثالث إيجابا اقتضاه اطراد سنة اللّه في الملك و الملكوت أما العلم:فهو معرفة عظم ضرر الذنوب،و كونها حجابا بين العبد و بين كل محبوب.

فإذا عرف ذلك معرفة محققة،بيقين غالب على قلبه ،ثار من هذه المعرفة تألم للقلب بسبب فوات المحبوب.فإن القلب مهما شعر بفوات محبوبه تألم.فإن كان فواته بفعله تأسف على الفعل المفوت،فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندما.فإذا غلب هذا الألم على القلب و استولى،انبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة و قصدا إلى فعل له تعلق بالحال،و بالماضي،و بالاستقبال.أما تعلقه بالحال،فبالترك للذنب الذي كان ملابسا.و أما بالاستقبال،فبالعزم على ترك الذنب المفوّت للمحبوب إلى آخر العمر.و أما بالماضي،فبتلافى ما فات بالخير و القضاء إن كان قابلا للخير فالعلم هو الأول،و هو مطلع هذه الخيرات،و أعنى بهذا العلم الإيمان و اليقين.فإن الإيمان عبارة عن التصديق بأن الذنوب سموم مهلكة ،و اليقين عبارة عن تأكد هذا التصديق،و انتفاء الشك عنه،و استيلائه على القلب،فيثمر نور هذا الإيمان مهما أشرق على القلب نار الندم،فيتألم بها القلب حيث يبصر بإشراق نور الإيمان أنه صار محجوبا عن محبوبه،كمن يشرق عليه نور الشمس و قد كان في ظلمة،فيسطع النور عليه بانقشاع سحاب،أو انحسار حجاب،فرأى محبوبه و قد أشرف على الهلاك، فتشتعل نيران الحب في قلبه،و تنبعث تلك النيران بإرادته للانتهاض للتدارك فالعلم و الندم،و القصد المتعلق بالترك في الحال و الاستقبال،و التلافى للماضي،ثلاثة معان مرتبة في الحصول،فيطلق اسم التوبة على مجموعها و كثيرا ما يطلق اسم التوبة على معنى للندم وحده،و يجعل العلم كالسابق و المقدمة،و الترك كالثمرة و التابع المتأخر.و بهذا الاعتبار

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست