responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 131

و فرقة أخرى غلبهم البخل

،فلا تسمح نفوسهم إلا بأداء الزكاة فقط.ثم إنهم يخرجون من المال الخبيث الرديء،الذي يرغبون عنه ،و يطلبون من الفقراء من يخدمهم و يتردد في حاجاتهم،أو من يحتاجون إليه في المستقبل للاستسخار في خدمة،أو من لهم فيه على الجملة غرض.أو يسلمون ذلك إلى من يعينه واحد من الأكابر ممن يستظهر بحشمه،لينال بذلك عنده منزلة،فيقوم بحاجاته.و كل ذلك مفسدات للنية،و محبطات للعمل،و صاحبه مغرور،و يظن أنه مطيع للّٰه تعالى و هو فاجر،إذ طلب بعبادة اللّه عوضا من غيره.فهذا و أمثاله من غرور أصحاب الأموال أيضا لا يحصى.و إنما ذكرنا هذا القدر للتنبيه على أجناس الغرور

و فرقة أخرى من عوام الخلق و أرباب الأموال و الفقراء

،اغتروا بحضور مجالس الذكر و اعتقدوا أن ذلك يغنيهم و يكفيهم،و اتخذوا ذلك عادة،و يظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون العمل و دون الاتعاظ أجرا،و هم مغرورون.لأن فضل مجلس الذكر لكونه مرغبا في الخير.فإن لم يهيج الرغبة فلا خير فيه.و الرغبة محمودة لأنها تبعث على العمل.فإن ضعفت عن الحمل على العمل فلا خير فيها.و ما يراد لغيره فإذا قصر عن الأداء إلى ذلك الغير فلا قيمة له.و ربما يغتر بما يسمعه من الواعظ.من فضل حضور المجلس،و فضل البكاء، و ربما تدخله رقة كرقة النساء فيبكي و لا عزم،و ربما يسمع كلاما مخوفا فلا يزيد على أن يصفق بيديه و يقول:يا سلام سلم،أو نعوذ باللّه،أو سبحان اللّه ،و يظن أنه قد أتى بالخير كله،و هو مغرور.و إنما مثاله مثال المريض الذي يحضر مجالس الأطباء فيسمع ما يجرى،أو الجائع الذي يحضر عنده من يصف له الأطعمة اللذيذة الشهية ثم ينصرف،و ذلك لا يغنى عنه من مرضه و جوعه شيئا.فكذلك سماع وصف الطاعات دون العمل بها لا يغنى من اللّه شيئا.

فكل وعظ لم يغير منك صفة تغيرا يغير أفعالك،حتى تقبل على اللّه تعالى إقبالا قويا أو ضعيفا و تعرض عن الدنيا،فذلك الوعظ زيادة حجة عليك.فإذا رأيته وسيلة لك كنت مغرورا فإن قلت:فما ذكرته من مداخل الغرور أمر لا يتخلص منه أحد،و لا يمكن الاحتراز منه،و هذا يوجب اليأس،إذ لا يقوى أحد من البشر على الحذر من خفايا هذه الآفات فأقول الإنسان إذا فترت همته في شيء أظهر اليأس منه،و استعظم الأمر،و استوعر الطريق.و إذا صح منه الهوى اهتدى إلى الحيل،و استنبط بدقيق النظر خفايا الطرق

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست