responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 114

الإضافة إلى المعرفة،و لب بالإضافة إلى ما فوقه.و ما فوقه هو العلم باللغة و النحو.و فوق ذلك و هو القشر الأعلى،العلم بمخارج الحروف.و القانعون بهذه الدرجات كلهم مغترون إلا من اتخذ هذه الدرجات منازل،فلم يعرج عليها إلا بقدر حاجته،فتجاوز إلى ما وراء ذلك حتى وصل إلى لباب العمل،فطالب بحقيقة العمل قلبه و جوارحه،و رجى عمره في حمل النفس عليه، و تصحيح الأعمال و تصفيتها عن الشوائب و الآفات،فهذا هو المقصود المخدوم من جملة علوم الشرع،و سائر العلوم خدم له،و وسائل إليه،و قشور له،و منازل بالإضافة إليه و كل من لم يبلغ المقصد فقد خاب ،سواء كان في المنزل القريب أو في المنزل البعيد و هذه العلوم لما كانت متعلقة بعلوم الشرع ،اغترّ بها أربابها.فأما علم الطب،و الحساب و الصناعات،و ما يعلم أنه ليس من علوم الشرع،فلا يعتقد أصحابها أنهم ينالون المغفرة بها من حيث إنها علوم فكان الغرور بها أقل من الغرور بعلوم الشرع.لأن العلوم الشرعية مشتركة في أنها محمودة،كما يشارك القشر اللب في كونه محمودا.و لكن المحمود منه لعينه هو المنتهى،و الثاني محمود للوصول به إلى المقصود الأقصى:فمن اتخذ القشر مقصودا، و عرج عليه،فقد اغترّ به.

و فرقة أخرى:عظم غرورهم في فن الفقه

،فظنوا أن حكم العبد بينه و بين اللّه يتبع حكمه في مجلس القضاء،فوضعوا الحيل في دفع الحقوق،و أساءوا تأويل الألفاظ المبهمة،و اغتروا بالظواهر و أخطئوا فيها.و هذا من قبيل الخطأ في الفتوى و الغرور فيه.و الخطأ في الفتاوى مما يكثر،و لكن هذا نوع عم الكافة إلاّ الأكياس منهم، فنشير إلى أمثلة.فمن ذلك فتواهم بأن المرأة متى أبرأت من الصداق بريء الزوج بينه و بين اللّه تعالى.و ذلك خطأ.بل الزوج قد يسيء إلى الزوجة بحيث يضيق عليها الأمور بسوء الخلق،فتضطر إلى طلب الخلاص ،فتبرئ الزوج لتتخلص منه،فهو إبراء لا على طيبة نفس.و قد قال تعالى فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [1]و طيبة النفس غير طيبة القلب.فقد يريد الإنسان بقلبه ما لا تطيب به نفسه.فإنه يريد الحجامة بقلبه،و لكن تكرهها نفسه.و إنما طيبة النفس أن تسمح نفسها بالإبراء لا عن ضرورة تقابله،حتى إذا رددت بين ضررين اختارت أ هونهما.فهذه مصادرة على التحقيق بإكراه


[1] النساء:4

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست