responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 93

السموات و الأرض،و ترتيب الدنيا و الآخرة،و ما يتعلق به،هو الكمال الحقيقي،الذي يقرب من يتصف به من اللّه تعالى،و يبقى كمالا للنفس بعد الموت،و تكون هذه المعرفة نورا للعارفين بعد الموت،يسعى بين أيديهم و بأيمانهم،يقولون ربنا أتم لنا نورنا.أي تكون هذه المعرفة رأس مال،يوصل إلى كشف ما لم ينكشف في الدنيا،كما أن من معه سراج خفى،فإنه يجوز أن يصير ذلك سببا لزيادة النور بسراج آخر يقتبس منه،فيكمل النور بذلك النور الخفي على سبيل الاستتمام.و من ليس معه أصل السراج،فلا مطمع له في ذلك .فمن ليس معه أصل معرفة اللّه تعالى،لم يكن له مطمع في هذا النور،فيبقى كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها،بل كظلمات في بحر لجي،يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب،ظلمات بعضها فوق بعض.فإذا لا سعادة إلا في معرفة اللّه تعالى.

و أما ما عدا ذلك من المعارف فمنها ما لا فائدة له أصلا،كمعرفة الشعر،و أنساب العرب و غيرهما،و منها ما له منفعة في الإعانة على معرفة اللّه تعالى،كمعرفة لغة العرب،و التفسير و الفقه،و الأخبار،فإن معرفة لغة العرب تعين على معرفة تفسير القرءان،و معرفة التفسير تعين على معرفة ما في القرءان من كيفية العبادات،و الأعمال التي تفيد تزكية النفس، و معرفة طريق تزكية النفس تفيد استعداد النفس لقبول الهداية إلى معرفة اللّه سبحانه و تعالى،كما قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا [1]و قال عز و جل وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا [2]فتكون جملة هذه المعارف كالوسائل إلى تحقيق معرفة اللّه تعالى.و إنما الكمال في معرفة اللّه،و معرفة صفاته و أفعاله،و ينطوى فيه جميع المعارف المحيطة بالموجودات إذا الموجودات كلها من أفعاله،فمن عرفها من حيث هي فعل اللّه تعالى و من حيث ارتباطها بالقدرة و الإرادة و الحكمة،فهي من تكملة معرفة اللّه تعالى .و هذا حكم كمال العلم، ذكرناه و إن لم يكن لائقا بأحكام الجاه و الرياء،و لكن أوردناه لاستيفاء أقسام الكمال

و أما القدرة،فليس فيها كمال حقيقى للعبد

،بل للعبد علم حقيقى ،و ليس له قدرة حقيقية و إنما القدرة الحقيقية للّٰه.و ما يحدث من الأشياء عقيب إرادة العبد،و قدرته و حركته،


[1] الشمس:9.

[2] العنكبوت:69

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست