responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 52

و بينهما وسط و هو المحمود ،و ينبغي أن يكون السخاء و الجود عبارة عنه،إذ لم يؤمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلا بالسخاء.و قد قيل له (وَ لاٰ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ وَ لاٰ تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ) [1]و قال تعالى وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً [2].فالجود وسط بين الإسراف و الاقتار،و بين البسط و القبض.و هو أن يقدر بذله و إمساكه بقدر الواجب،و لا يكفي أن يفعل ذلك بجوارحه،ما لم يكن قلبه طيبا به،غير منازع له فيه.فإن بذل في محل وجوب البذل،و نفسه تنازعه،و هو يصابرها فهو متسخ.و ليس بسخي.بل ينبغي أن لا يكون لقلبه علاقة مع المال،إلا من حيث يراد المال له،و هو صرفه إلى ما يجب صرفه إليه.فإن قلت:فقد سار هذا موقوفا على معرفة الواجب،فما الذي يجب بذله.فأقول،إن الواجب قسمان،واجب بالشرع، و واجب بالمروءة و العادة.و السخي هو الذي لا يمنع واجب الشرع،و لا واجب المروءة فإن منع واحدا منهما،فهو بخيل.و لكن الذي يمنع واجب الشرع أبخل.كالذي يمنع أداء الزكاة ،و يمنع عياله و أهله النفقة،أو يؤديها و لكنه يشق عليه ،فإنه بخيل بالطبع، و إنما يتسخى بالتكلف.أو الذي يتيم الخبيث من ماله،و لا يطيب قلبه أن يعطى من أطيب ماله،أو من وسطه،فهذا كله بخل.و أما واجب المروءة،فهو ترك المضايقة و الاستقصاء في المحقرات.فإن ذلك مستقبح،و استقباح ذلك يختلف بالأحوال و الأشخاص فمن كثر ماله،استقبح منه ما لا يستقبح من الفقير من المضايقة.و يستقبح من الرجل المضايقة مع أهله،و أقاربه،و مماليكه،ما لا يستقبح مع الأجانب.و يستقبح من الجار،ما لا يستقبح مع البعيد.و يستقبح في الضيافة من المضايقة،ما لا يستقبح في المعاملة.فيختلف ذلك بما فيه من المضايقة،في ضيافة،أو معاملة.و بما به المضايقة،من طعام،أو ثوب.إذ يستقبح في الأطعمة ما لا يستقبح في غيرها.و يستقبح في شراء الكفن مثلا،أو شراء الأضحية ، أو شراء خبز الصدقة،ما لا يستقبح في غيره من المضايقة:و كذلك بمن معه المضايقة،من صديق،أو أخ،أو قريب،أو زوجة،أو ولد،أو أجنبي.و بمن منه المضايقة،من صبي أو امرأة،أو شيخ،أو شاب،أو عالم،أو جاهل،أو موسر،أو فقير.


[1] الاسراء:29.

[2] الفرقان:67

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست