responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 53

فالبخيل هو الذي يمنع حيث ينبغي أن لا يمنع،إما بحكم الشرع،و إما بحكم المروءة.و ذلك لا يمكن التنصيص على مقداره.و لعل حد البخل هو إمساك المال عن غرض،ذلك الغرض هو أهم من حفظ المال.فإن صيانة الدين أهم من حفظ المال.فمانع الزكاة و النفقة بخيل:و صيانة المروءة أهم من حفظ المال.و المضايق في الدقائق مع من لا تحسن المضايقة معه،هاتك ستر المروءة لحب المال،فهو بخيل.ثم تبقى درجة أخرى،و هو أن يكون الرجل ممن يؤدى الواجب،و يحفظ المروءة،و لكن معه مال كثير قد جمعه.ليس يصرفه إلى الصدقات و إلى المحتاجين.فقد تقابل غرض حفظ المال،ليكون له عدة على نوائب الزمان.و غرض الثواب،ليكون رافعا لدرجاته في الآخرة.و إمساك المال عن هذا الغرض بخل عند الأكياس،و ليس ببخل عند عوام الخلق .و ذلك لأن نظر العوام مقصور على حظوظ الدنيا،فيرون إمساكه لدفع نوائب الزمان مهما .و ربما يظهر عند العوام أيضا سمة البخل عليه،إن كان في جواره محتاج فمنعه و قال،قد أديت الزكاة الواجبة،و ليس على غيرها:و يختلف استقباح ذلك باختلاف مقدار ماله،و باختلاف شدة حاجة المحتاج،و صلاح دينه،و استحقاقه فمن أدى واجب الشرع،و واجب المروءة اللائقة به،فقد تبرأ من البخل.

نعم لا يتصف بصفة الجود و السخاء،ما لم يبذل زيادة على ذلك،اطلب الفضيلة،و نيل الدرجات فإذا اتسعت نفسه لبذل المال،حيث لا يوجبه الشرع،و لا تتوجه إليه الملامة في العادة فهو جواد،بقدر ما تتسع له نفسه من قليل أو كثير.و درجات ذلك لا تحصر.و بعض الناس أجود من بعض.فاصطناع المعروف و راء ما توجبه العادة و المروءة،هو الجود.

و لكن بشرط أن يكون عن طيب نفس،و لا يكون عن طمع،و رجاء خدمة،أو مكافأة أو شكر،أو ثناء.فإن من طمع في الشكر و الثناء،فهو بياع،و ليس بجواد.فإنه يشترى المدح بماله.و المدح لذيذ،و هو مقصود في نفسه.و الجود هو بذل الشيء من غير عوض هذا هو الحقيقة،و لا يتصور ذلك إلا من اللّه تعالى .و أما الآدمي،فاسم الجود عليه مجاز إذ لا يبذل الشيء إلا لغرض.و لكنه إذا لم يكن غرضه إلا الثواب في الآخرة،أو اكتساب فضيلة الجود،و تطهير النفس عن رذالة البخل،فيسمى جوادا.فإن كان الباعث عليه الخوف من الهجاء مثلا،أو من ملامة الخلق،أو ما يتوقعه من نفع يناله من المنعم عليه،فكل ذلك

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست