responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 141

و لو أخلص للّٰه لكشف اللّه لهم إخلاصه،و حببه إليهم،و سخرهم له،و أطلق ألسنتهم بالمدح و الثناء عليه،مع أنه لا كمال في مدحهم.و لا نقصان في ذمهم،كما قال شاعر من تميم[1] إن مدحي زين،و إن ذمى شين.فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم«كذبت ذاك اللّه الّذي لا إله إلاّ هو»إذ لا زين إلا في مدحه،و لا شين إلا في ذمه،فأي خير لك في مدح الناس و أنت عند اللّه مذموم و من أهل النار؟و أي شر لك من ذم الناس،و أنت عند اللّه محمود في زمرة المقربين فمن أحضر في قلبه الآخرة و نعيمها المؤبد،و المنازل الرفيعة عند اللّه،استحقر ما يتعلق بالخلق أيام الحياة،مع ما فيه من الكدورات و المغصات ،و اجتمع همه،و انصرف إلى اللّه قلبه،و تخلص من مذلة الرياء،و مقاساة قلوب الخلق،و انعطف من إخلاصه أنوار على قلبه،ينشرح بها صدره، و ينفتح بها له من لطائف المكاشفات ما يزيد به أنسه باللّه،و وحشته من الخلق،و استحقاره للدنيا، و استعظامه للآخرة،و سقط محل الخلق من قلبه،و انحل عنه داعية الرياء و تذلل له منهج الإخلاص فهذا و ما قدمناه في الشطر الأول،هي الأدوية العلمية القالعة مغارس الرياء و أما الدواء العملي.فهو أن يعود نفسه إخفاء العبادات،و إغلاق الأبواب دونها،كما تغلق الأبواب دون الفواحش،حتى يقنع قلبه بعلم اللّه،و اطلاعه على عباداته،و لا تنازعه النفس إلى طلب علم غير اللّه به.و قد روى أن بعض أصحاب أبي حفص الحداد ذم الدنيا و أهلها،فقال أظهرت ما كان سبيلك أن تخفيه،لا تجالسنا بعد هذا.فلم يرخص في إظهار هذا القدر،لأن في ضمن ذم الدنيا دعوى الزهد فيها.فلا دواء للرياء مثل الإخفاء،و ذلك يشق في بداية المجاهدة.و إذا صبر عليه مدة بالتكلف سقط عنه ثقله،و هان عليه ذلك بتواصل ألطاف اللّه،و ما يمد به عباده من حسن التوفيق و التأييد و التسديد.و لكن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.فمن العبد المجاهدة،و من اللّه الهداية.و من العبد قرع الباب،و من اللّه فتح الباب.و اللّه لا يضيع أجر المحسنين،و إن تك حسنة يضاعفها،و يؤت من لدنه أجرا عظيما

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست