نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 76
بيان آفات المناظرة و ما يتولد منها
من مهلكات الأخلاق اعلم و تحقق أن المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة و الإفحام،و إظهار الفضل و الشرف و التشدق عند الناس،و قصد المباهاة و المماراة و استمالة وجوه الناس،هي منبع جميع الأخلاق المذمومة عند اللّٰه،المحمودة عند عدو اللّٰه إبليس،و نسبتها إلى الفواحش الباطنة من الكبر و العجب و الحسد و المنافسة و تزكية النفس و حب الجاه و غيرها كنسبة شرب الخمر إلى الفواحش الظاهرة :من الزنا،و القذف و القتل و السرقة،و كما أن الذي خيّر بين الشرب و سائر الفواحش استصغر الشرب فأقدم عليه،فدعاه ذلك إلى ارتكاب بقية الفواحش في سكره،فكذلك من غلب عليه حب الإفحام و الغلبة في المناظرة و طلب الجاه و المباهاة،دعاه ذلك إلى إضمار الخبائث كلها في النفس،و هيج فيه جميع الأخلاق المذمومة.و هذه الأخلاق ستأتي أدلة مذمتها من الأخبار و الآيات في ربع المهلكات،و لكنا نشير الآن إلى
مجامع ما تهيجه المناظرة:
فمنها الحسد
،و قد
قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و سلم[1] «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب». و لا ينفك المناظر عن الحسد،فإنه تارة يغلب و تارة يغلب،و تارة يحمد كلامه و أخرى يحمد كلام غيره،فما دام يبقى في الدنيا واحد يذكر بقوة العلم و النظر،أو يظن أنه أحسن منه كلاما و أقوى نظرا،فلا بد أن يحسده و يحب زوال النعم عنه،و انصراف القلوب و الوجوه عنه إليه .و الحسد نار محرقة،فمن بلى به فهو في العذاب في الدنيا،و لعذاب الآخرة أشد و أعظم،و لذلك قال ابن عباس رضى اللّٰه عنهما:خذوا العلم حيث وجدتموه،و لا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون كما تتغاير التيوس في الزريبة
و منها التكبر و الترفع على الناس
،فقد
قال صلّى اللّٰه عليه و سلم[2] «من تكبّر وضعه اللّٰه و من تواضع رفعه اللّٰه».
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 76