responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 51

حصول ضوء الشمس عقيب طلوع الشمس مثال النملة لو خلق لها عقل و كانت على سطح قرطاس و هي تنظر إلى سواد الخط يتجدد،فتعتقد أنه فعل القلم و لا تترقى في نظرها إلى مشاهدة الأصابع،ثم منها إلى اليد،ثم منها إلى الارادة المحركة لليد،ثم منها إلى الكاتب القادر المريد،ثم منه إلى خالق اليد و القدرة و الإرادة،فأكثر نظر الخلق مقصور على الأسباب القريبة السافلة، مقطوع من الترقي إلى مسبب الأسباب.فهذا أحد أسباب النهى عن النجوم.و(ثانيها)أن أحكام النجوم تخمين محض ليس يدرك في حق آحاد الأشخاص لا يقينا و لا ظنا،فالحكم به حكم بجهل،فيكون ذمه على هذا من حيث إنه جهل لا من حيث إنه علم،فلقد كان ذلك معجزة لإدريس عليه السلام فيما يحكى،و قد اندرس و انمحى ذلك العلم و انمحق ،و ما يتفق من إصابة المنجم على ندور فهو اتفاق،لأنه قد يطلع على بعض الأسباب و لا يحصل المسبب عقيبها إلا بعد شروط كثيرة ليس في قدرة البشر الاطلاع على حقائقها،فان اتفق أن قدر اللّٰه تعالى بقية الأسباب وقعت الإصابة،و إن لم يقدر أخطأ،و يكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم مهما رأى الغيم يجتمع و ينبعث من الجبال فيتحرك ظنه بذلك،و ربما يحمى النهار بالشمس و يذهب الغيم،و ربما يكون بخلافه،و مجرد الغيم ليس كافيا في مجيء المطر،و بقية الأسباب لا تدري،و كذلك تخمين الملاّح أن السفينة تسلم اعتمادا على ما ألفه من العادة في الرياح،و لتلك الرياح أسباب خفية هو لا يطلع عليها،فتارة يصيب في تخمينه و تارة يخطئ،و لهذه العلة يمنع القوى عن النجوم أيضا .و(ثالثها)أنه لا فائدة فيه،فأقل أحواله أنه خوض في فضول لا يغنى، و تضييع العمر الذي هو أنفس بضاعة الإنسان في غير فائدة،و ذلك غاية الخسران،فقد

«مرّ[1]رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و سلم برجل و الناس مجتمعون عليه فقال:ما هذا؟فقالوا:رجل علامة،فقال بما ذا؟قالوا بالشعر و أنساب العرب،فقال:علم لا ينفع و جهل لا يضرّ».

و قال صلى اللّٰه عليه و سلم[2] «إنّما العلم آية محكمة أو سنّة قائمة أو فريضة عادلة». فإذا الخوض في النجوم و ما يشبهه اقتحام خطر،و خوض في جهالة من غير فائدة،فان ما قدر كائن و الاحتراز منه غير ممكن،بخلاف الطب فان الحاجة ماسة إليه،و أكثر أدلته بما يطلع عليه،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست