responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 178

الخلق،و ليس في شيء منها باطن يناقض الظاهر،بل يتممه و يكمله كما يتمم اللب القشر.و السلام

القسم الخامس-أن يعبر بلسان المقال عن لسان الحال

،فالقاصر الفهم يقف على الظاهر و يعتقده نطقا،و البصير بالحقائق يدرك السر فيه.و هذا كقول القائل:قال الجدار للوتد:لم تشقني؟قال:سل من يدقني فلم يتركني ورائي الحجر الذي ورائي.فهذا تعبير عن لسان الحال بلسان المقال.و من هذا قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوىٰ إِلَى السَّمٰاءِ وَ هِيَ دُخٰانٌ فَقٰالَ لَهٰا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ) .فالبليد يفتقر في فهمه إلى أن يقدر لهما حياة و عقلا، و فهما للخطاب،و خطابا هو صوت و حرف تسمعه السماء و الأرض فتجيبان بحرف و صوت و تقولان:أتينا طائعين،و البصير يعلم أن ذلك لسان الحال،و أنه إنباء عن كونهما مسخرتين بالضرورة و مضطرتين إلى التسخير.و من هذا قوله تعالى: (وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) فالبليد يفتقر فيه إلى أن يقدر للجمادات حياة و عقلا و نطقا بصوت و حرف حتى يقول سبحان اللّٰه ليتحقق تسبيحه،و البصير يعلم أنه ما أريد به نطق اللسان،بل كونه مسبحا بوجوده،و مقدسا بذاته،و شاهدا بوحدانية اللّٰه سبحانه،كما يقال

و في كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
و كما يقال:هذه الصنعة المحكمة تشهد لصانعها بحسن التدبير و كمال العلم ،لا بمعنى أنها تقول أشهد بالقول ،و لكن بالذات و الحال.و كذلك:ما من شيء إلا و هو محتاج في نفسه إلى موجد يوجده و يبقيه و يديم أوصافه و يردده في أطواره،فهو بحاجته يشهد لخالقه بالتقديس، يدرك شهادته ذو و البصائر دون الجامدين على الظواهر،و لذلك قال تعالى: (وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) .و أما القاصرون فلا يفقهون أصلا.و أما المقربون و العلماء الراسخون فلا يفقهون كنهه و كماله،إذ لكل شيء شهادات شتى على تقديس اللّٰه سبحانه و تسبيحه،و يدرك كل واحد بقدر عقله و بصيرته.و تعداد تلك الشهادات لا يليق بعلم المعاملة.فهذا الفن أيضا مما يتفاوت أرباب الظواهر و أرباب البصائر في علمه،و تظهر به مفارقة الباطن للظاهر و في هذا المقام لأرباب المقامات إسراف و اقتصاد:فمن مسرف في رفع الظواهر انتهى الى تغيير جميع الظواهر و البراهين أو أكثرها،حتى حملوا قوله تعالى: (وَ تُكَلِّمُنٰا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) و قوله تعالى: (وَ قٰالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنٰا قٰالُوا أَنْطَقَنَا اللّٰهُ الَّذِي أَنْطَقَ

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست