responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 145

بيان حقيقة العقل و أقسامه

اعلم أن الناس اختلفوا في حد العقل و حقيقته ،و ذهل الأكثرون عن كون هذا الاسم مطلقا على معان مختلفة،فصار ذلك سبب اختلافهم و الحق الكاشف للغطاء فيه:أن العقل اسم يطلق بالاشتراك على أربعة معان،كما يطلق اسم العين مثلا على معان عدة،و ما يجرى هذا المجرى،فلا ينبغي أن يطلب لجميع أقسامه حد واحد،بل يفرد كل قسم بالكشف عنه

فالأول-الوصف الذي يفارق الإنسان به سائر البهائم

،و هو الذي استعدّ به لقبول العلوم النظرية،و تدبير الصناعات الخفية الفكرية،و هو الذي أراده الحارث بن أسد المحاسبي حيث قال في حد العقل:إنه غريزة يتهيأ بها إدراك العلوم النظرية،و كأنه نور يقذف في القلب به يستعد لادراك الأشياء.و لم ينصف من أنكر هذا ورد العقل إلى مجرد العلوم الضرورية، فان الغافل عن العلوم و النائم يسميان عاقلين باعتبار وجود هذه الغريزة فيهما مع فقد العلوم.و كما أن الحياة غريزة بها يتهيأ الجسم للحركات الاختيارية و الادراكات الحسية،فكذلك العقل غريزة بها تتهيأ بعض الحيوانات للعلوم النظرية.و لو جاز أن يسوى بين الإنسان و الحمار في الغريزة و الادراكات الحسية،فيقال:لا فرق بينهما إلا أن اللّٰه تعالى بحكم إجراء العادة يخلق في الإنسان علوما و ليس يخلقها في الحمار و البهائم،لجاز أن يسوّى بين الحمار و الجماد في الحياة،و يقال:لا فرق إلا أن اللّٰه عز و جل يخلق في الحمار حركات مخصوصة بحكم إجراء العادة،فإنه لو قدر الحمار جمادا ميتا لوجب القول بأن كل حركة تشاهد منه فاللّٰه سبحانه و تعالى قادر على خلقها فيه على الترتيب المشاهد،و كما وجب أن يقال:لم يكن مفارقته للجماد في الحركات إلا بغريزة يعبر عنها بالعقل ،و هو كالمرآة التي تفارق غيرها من الأجسام في حكاية الصور و الألوان بصفة اختصت بها و هي الصقالة،و كذلك العين تفارق الجبهة في صفات و هيئات بها استعدت للرؤية.فنسبة هذه الغريزة إلى العلوم كنسبة العين إلى الرؤية،و نسبة القرءان و الشرع إلى هذه الغريزة في سياقها إلى انكشاف العلوم لها كنسبة نور الشمس إلى البصر،فهكذا ينبغي أن تفهم هذه الغريزة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست