قد عرفت آنفاً أنّ الاجتهاد عمل يحصل من القوة المزبورة،لا نفسها،إلاّ أن المطلق منه-اصطلاحاً-في قبال التجزي ليس إلاّ بالمعنى المذكور،لوضوح أن المقتدر على استنباط الكل و لو لم يستنبط إلاّ لبعض مجتهد مطلق لا متجز.
و ليعلم أنّ المجتهد-بعنوانه-لم يقع موضوعاً للحكم في آية و لا في رواية، بل الموضوع في الروايات هو الفقيه [1]و الراوي [2]،و من يعرف أحكامهم [3]عليهم السلام أو شيئاً منها [4].
و أجمع رواية في هذا الباب مقبولة عمر بن حنظلة حيث قال عليه السلام:
ينظر إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكماً الخبر [5].
فانه ربما أمكن أن يقال إنه مخصوص بالمجتهد اصطلاحاً،نظراً إلى قوله عليه السلام:(و نظر في حلالنا و حرامنا)فان النّظر في الشيء هو النّظر العلمي في قبال:
النّظر إلى الشيء،فانه بمعنى الرؤية و الإبصار،و لذا ورد في حكاية الخليل عليه السلام:أنّ المراد من قوله تعالى:(فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم) [6].
و عليه فالمراد من المقبولة-و اللّه تعالى اعلم:ان القاضي يجب أن يكون ممن