و أمّا ما عن بعض الأعلام من مقاربي عصرنا-قده- [1]من أنّ التغاير بين الإيجاب و الوجوب حقيقيّ لأنّ الإيجاب من مقولة الفعل،و الوجوب من مقولة الانفعال و المقولات متباينة فهو اشتباه بين الفعل و الانفعال المعدودين من المقولات،و بين ما يعدّ عرفاً من الفعل المقابل للصفة،و ميزان المقولتين المتقابلتين أن يكون هناك شيئان لأحدهما حالة التأثير التجدّدي و للآخر حالة التأثّر التجددي كالنّار و الماء فانّ النّار في حال التسخير لها حالة التأثير التجددي آناً فآناً في الماء بإعطاء السخونة،و الماء له حالة التأثر و القبول التجددي للسخونة،و أمّا نفس السخونة الحادثة في الماء فهي من مقولة الكيف،و مثل هذا المعنى غير موجود في المقام و أشباهه و لو تنزّلنا عن ذلك لم يكن الوجوب من مقولة الانفعال بل الوجوب كالسخونة القائمة بالماء،و حيثيّة قبول المادّة للوجوب على فرض التنزّل من مقولة الانفعال لا نفس الوجوب و ليس الإيجاب إلاّ هذا الوجوب من حيث صدوره عن الموجب و حيثيّة الصدور و التأثير و أشباهها حيثيات انتزاعيّة فافهم و استقم.
قوله:كيف و قد كثر استعمال العام في الخاصّ حتّى قيل ما من عام إلخ
:ربما يقال:إنّ كثرة الاستعمال الموجبة للنقل أو الإجمال إنّما تصحّ في مثل أسماء الأعلام و الأجناس لا في مثل الهيئات الّتي لا تنتهي إلى جامع لفظيّ بل ينتزع عن الهيئات المختلفة باختلافها تارةً وزناً و حركةً،و باختلاف موادّها أخرى جامع يعبّر عنه بصيغة افعل و من الواضح أنّ هذا الجامع الانتزاعي لم يستعمل في شيء غالباً حتّى يوجب أنس الذهن بالنسبة إلى اللفظ و المعنى،و استعمال هيئة خاصّة في النّدب تارة،و استعمال هيئة خاصّة أخرى فيه أخرى لا يوجب الأنس بين لفظ و معنى،و الجامع الانتزاعي غير مستعمل في شيء و لا أنّه ليس من مقولة الألفاظ.