responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 66

و كان حرف وجودي فمعناه إن الملك موجود في الماء أي الماء أصل ظهور عينه فهو للملك كالهيولى ظهر فيه صور العالم الذي هو ملك اللّٰه و العالم محصور في أعيان و نسب فالأعيان وجودية و النسب معقولة عدمية و هذا هو كل ما سوى اللّٰه و لما كان الماء أصل الحياة و كل شيء حي و النسب تابعة له قرن بين العرش المجعول على الماء و بين خلقه الموت و الحياة في الابتلاء فقال وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمٰاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبركم و العرش كما ذكرت لك أعيان موجودة و نسب عدمية و قال خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَيٰاةَ لِيَبْلُوَكُمْ فالحياة للاعيان و الموت للنسب فظهور الروح للجسم حياة ذلك الجسم كظهور الشمس لاستنارة الأجسام التي ظهرت الشمس لها و غيبة الروح عن الجسم زوال الحياة من ذلك الجسم و هو الموت فالاجتماع حياة و الفرقة موت و الاجتماع و الافتراق نسب معقولة لها حكم ظاهر و إن كانت معدومة الأعيان

[أن القوي كلها التي في الإنسان و في كل حيوان إنما هي للروح]

و اعلم أن القوي كلها التي في الإنسان و في كل حيوان مثل قوة الحس و قوة الخيال و قوة الحفظ و القوة المصورة و سائر القوي كلها المنسوبة إلى جميع الأجسام علوا و سفلا إنما هي للروح تكون بوجوده و إعطائه الحياة لذلك الجسم و ينعدم فيها ما ينعدم بتوليه عن ذلك الجسم من ذلك الوجه الذي تكون عنه تلك القوة الخاصة فافهم فإذا أعرض الروح عن الجسم بالكلية زال بزواله جميع القوي و الحياة و هو المعبر عنه بالموت كالليل بمغيب الشمس و أما بالنوم فليس بإعراض كلي و إنما هي حجب أبخرة تحول بين القوي و بين مدركاتها الحسية مع وجود الحياة في النائم كالشمس إذا حالت السحب بينها و بين موضع خاص من الأرض يكون الضوء موجودا كالحياة و إن لم يقع إدراك الشمس لذلك الموضع الذي حال بينه و بينها السحاب المتراكم و كما إن الشمس إذا فارقت هذا الموضع من الأرض و جاء الليل بدلا منه ظهرت في موضع آخر بنوره أضاء به ذلك الموضع فكان النهار هنالك كما كان هنا كذلك الروح إذا أعرض عن هذا الجسم الذي كانت حياته به تجلى على صورة من الصور الذي هو البرزخ و هو بالصاد جمع صورة فحييت به تلك الصورة في البرزخ كما

قال ص في نسمة المؤمن إنه طير أخضر فذلك الطير كالجسم هنا صورة حييت بهذا الروح الذي كان يحيا به هذا الجسم و كما تطلع الشمس في اليوم الثاني علينا فتستنير الموجودات بنورها كذلك الروح يطلع في يوم الآخرة على هذه الأجسام الميتة فتحيا به فذلك هو النشر و البعث

[إن اللّٰه أوجد الصورة]

و اعلم أن الصور أوجده اللّٰه على صورة القرن و سمي بالصور من باب تسمية الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب و لما كان هذا القرن محلا لجميع الصور البرزخية التي تنتقل إليها الأرواح بعد الموت و في النوم فيه سمي صورا جمع صورة و شكل القرن أعلاه واسع و أسفله ضيق على شكل العالم أين سعة العرش من ضيق الأرض و تنتقل القوي مع الروح إلى تلك الصورة البرزخية نوما و موتا و لهذا تكون دراكة بجميع القوي سواء فقد أعلمتك بما هو الأمر عليه و من هنا زل القائلون بالتناسخ لما رأوا أو سمعوا أن الأنبياء قد نبهت على انتقال الأرواح إلى هذه الصور البرزخية و تكون فيها على صور أخلاقها و رأوا تلك الأخلاق في الحيوانات تخيلوا في قول الأنبياء و الرسل و العلماء أن ذلك راجع إلى هذه الحيوانات التي في الدار الدنيا و إنها ترجع إلى التخليص و ذكروا ما قد علمت من مذهبهم فأخطئوا في النظر و في تأويل أقوال الرسل و ما جاء في ذلك من الكتب المنزلة و رأوا النائم يقرب من هذا الأمر الذي شرعوا فيه فاستروحوا من ذلك ما ذهبوا إليه فما أتى عليهم إلا من سوء التأويل في القول الصحيح و هذا معنى قوله لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبر عقولكم بالموت و الحياة أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً بالخوض فيهما و النظر فيرى من يصيب منكم و من يخطئ كأهل التناسخ و جعل ذلك كله دليلا واضحا و نصبه برهانا قاطعا على اسمه الحي و اسمه النور و اسمه الظاهر و الباطن و الأول و الآخر ليعلم نسبة العالم من موجدة و أنه غير مستقل بنفسه و أن افتقاره إلى اللّٰه افتقار ذاتي لا ينفك عنه طرفة عين و أن النسب دائمة الحكم لبقاء وجود الأعيان و هو العزيز المنيع الحمى عن أن يدركه خلقه أو يحاط بشيء من علمه إلا بما شاء و هو الغفور الذي ستر العقول عن إدراك كنهه أو كنه جلاله

[إن حياة الأجسام كلها من حياة الأرواح المدبرة لها]

و اعلم يا ولي نور اللّٰه بصيرتك بعد أن تقرر عندك إن حياة الأجسام كلها من حياة الأرواح المدبرة لها و بانفصالها عنها يكون الموت فيزول نظامهما إذ القوي الماسكة لها زالت بزوال الروح المدبر الذي وكله اللّٰه بتدبيرها

[إن الحياة حياتان]

فاعلم إن الحياة في جميع الأشياء حياتان حياة عن سبب و هي الحياة التي ذكرناها و نسبناها

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست