responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 67

إلى الأرواح و حياة أخرى ذاتية للأجسام كلها كحياة الأرواح للأرواح غير إن حياة الأرواح يظهر لها أثر في الأجسام المدبرة بانتشار ضوئها فيها و ظهور قواها التي ذكرناها و حياة الأجسام الذاتية لها ليست كذلك فإن الأجسام ما خلقت مدبرة فبحياتها الذاتية التي لا يجوز زوالها عنها فإنها صفة نفسية لها بها تسبح ربها دائما سواء كانت أرواحها فيها أو لم تكن و ما تعطيها أرواحها إلا هيأة أخرى عرضية في التسبيح بوجودها خاصة و إذا فارقتها الروح فارقها ذلك الذكر الخاص و هو الكلام المتعارف بيننا المحسوس تسبيحا كان أو غيره فيدرك المكاشف الحياة الذاتية التي في الأجسام كلها و إذا اتفق على أي جسم كان أمر يخرجه عن نظامه مثل كسر آنية أو كسر حجر أو قطع شجر فهو مثل قطع يد إنسان أو رجله يزول عنه حياة الروح المدبر له و يبقى عليه حياته الذاتية له فإنه لكل صورة في العالم روح مدبرة و حياة ذاتية تزول الروح بزوال تلك الصورة كالقتيل و تزول الصورة بزوال ذلك الروح كالميت الذي مات على فراشه و لم تضرب عنقه و الحياة الذاتية لكل جوهر فيه غير زائلة و بتلك الحياة الذاتية التي أخذ اللّٰه بأبصار بعض الخلق عنها بها تشهد الجلود يوم القيامة على الناس و الألسنة و الأيدي و الأرجل و بها تنطق فخذ الرجل في آخر الزمان فتخبر صاحبها بما فعل أهله و بها تنطق الشجرة في آخر الزمان إذا اختفى خلفها اليهود حين يطلبهم المسلمون للقتل فتقول للمسلم إذا رأته يطلب اليهودي يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله إلا شجرة الغرقد فإنها تستر اليهودي إذا لاذ بها فلعنها رسول اللّٰه ص و لا يقال إن الشجرة إنما رأفت مع من استند إليها كما يراه أصحاب الخلق الكريم فلتعلم إن حق اللّٰه أحق بالقضاء و تصريف الخلق الكريم مع اللّٰه هو الأوجب على كل مؤمن أ لا تراه يقول وَ لاٰ تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ و إنما كانت هذه الحياة في الأشياء ذاتية لأنها عن التجلي الإلهي للموجودات كلها لأنه خلقها لعبادته و معرفته و لا أحد من خلقه يعرفه إلا أن يتجلى له فيعرفه بنفسه إذ لم يكن في طاقة المخلوق أن يعرف خالقه كما قال اللّٰه تعالى وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً و التجلي دائم أبدا مشاهد لكل الموجودات ظاهر ما عدا الملائكة و الإنس و الجن فإن التجلي لهم الدائم إنما هو فيما ليس له نطق ظاهر كسائر الجمادات و النبات و أما التجلي لمن أعطى النطق و التعبير عما في نفسه و هم الملائكة و الإنس و الجن من حيث أرواحهم المدبرة لهم و قواها فإن التجلي لهم من خلف حجاب الغيب فالمعرفة للملائكة بالتعريف الإلهي لا بالتجلي و المعرفة للانس و الجن بالنظر و الاستدلال و المعرفة لأجسامهم و من دونهم من المخلوقات بالتجلي الإلهي و ذلك لأن سائر المخلوقات فطروا على الكتمان فلم يعطوا عبارة التوصيل و أراد الحق ستر هذا المقام رحمة بالمكلفين إذ سبق في علمه أنهم يكلفون و قد قدر عليهم المعاصي و قدر على بعضهم الاعتراض فيما لم يكن ينبغي لهم كالملائكة حين قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا و جرى ما جرى في قصة آدم معهم فلهذا وقع الستر عنهم لأنهم لو عصوه بالقضاء و القدر على التجلي و المشاهدة لكان عدم احترام عظيم و عدم حياء و كانت المؤاخذة عظيمة فكانت الرحمة لا تنالهم أبدا فلما عصوه على الستر قامت لهم الحجة في المعذرة و لهذا كانت الغفلة من الرحمة التي جعلها اللّٰه لعباده و النسيان ليجدوا بذلك حجة لو اعترض عليهم و يجدون بها عذرا و لهذا ما كلف اللّٰه أحدا من خلقه إلا الملائكة و الإنس و الجن و ما عداهم فإن دوام التجلي لهم أعطاهم الحياة الذاتية الدائمة و هم في تسبيحهم مثلنا في أنفاسنا دوام متوال من غير مشقة نجده في تنفسنا بل الأنفاس عين الراحة لنا بل لولاها لمتنا أ لا ترى المخنوق إذا حيل بينه و بين خروج نفسه مات و وجد الألم فعلى هذا الحد هو تسبيح كل شيء إن فهمت فالحق على الحقيقة هو مدبر العالم كما قال تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ يعني الدلالات على توحيده فيعطي كل خلق دلالة تخصه على توحيد موجدة كما قال القائل

و في كل شيء له آية تدل على أنه واحد
و هي هذه الآيات التي يفصلها فيقسمها على خلقه بحسب ما فطرهم اللّٰه تعالى عليه فهو سبحانه روح العالم و سمعه و بصره و يده فبه يسمع العالم و به يبصر و به يتكلم و به يبطش و به يسعى إذ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و لا يعرف هذا إلا من تقرب إلى اللّٰه بنوافل الخيرات كما

ورد في الصحيح من الأخبار النبوية الإلهية فإذا تقرب العبد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست