responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 374

و لا يكثره غير و لذلك قال لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي من يعتقد أن كل شيء جعلناه هالكا و ما عرف ما قصدناه إذا رآه ما يهلك و يرى بقاء عينه مشهودا له دنيا و آخرة علم ما أردنا بالشيء الهالك و أن كل شيء لم يتصف بالهلاك فهو وجهي فعلم إن الأشياء ليست غير وجهي فإنها لم تهلك فردها إلى حكمها فهذا معنى قوله وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و هو معنى لطيف يخفى على من لم يستظهر القرآن فإذا كان الغني عبارة عمن هذه صفته و الغني عبارة عن هذه الصفة فلا غنى إلا اللّٰه و كذلك الغني صفته و نحن ما تكلمنا إلا في العبد لا في الحق فالعبد له الفقر المطلق إلى سيده و الحق له الغني المطلق عن العالم فالعالم لم يزل مفقود العين هالكا بالذات في حضرة إمكانه و أحكامه يظهر بها الحق لنفسه بما هو ناظر من حقيقة حكم ممكن آخر فالعالم هو الممد بذاته ما يظهر في الكون من الموجودات و ليس إلا الحق لا غيره فتحقق يا ولي هذا الوصل فإنه وصل عجيب حكمه خلق في حق بحق و لا خلق في نفس العين مع وجود الحكم و قبول الحق لحكم الخلق و هو قبول الوجود لحكم العدم و ليس يكون إلا هكذا و لو لا ذلك لم يظهر للكثرة عين و ما ثم إلا الكثرة مع أحدية العين فلا بد من ظهور أحكام الكثير و ليس إلا العالم فإنه الكثير المتعدد و الحق واحد العين ليس بكثير و قد رميت بك على الطريق لتعلم ما الأمر عليه فتعلم من أنت و من الحق فيتميز الرب من العبد وَ عَلَى اللّٰهِ قَصْدُ السَّبِيلِ

«الوصل الخامس»من خزائن الجود فيما يناسبه

و يتعلق به من المنزل الخامس و يتضمن هذا المنزل الخامس من العلوم الإلهية علم تفصيل الرجوع الإلهي بحسب المرجوع إليه من أحوال العباد و هو علم عزيز فإن اللّٰه يقول وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ و يقول وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و هنا رجوع الحق إلى العباد من نفسه مع غناه عن العالمين فلما خلقهم لم يمكن إلا الرجوع إليهم و الاشتغال بهم و حفظ العالم فإنه ما أوجده عبثا فيرجع إليه سبحانه بحسب ما يطلبه كل شخص شخص من العالم به إذ لا يقبل منه إلا ما هو عليه في نفسه من الاستعداد فيحكم باستعداده على مواهب خالقه فلا يعطيه إلا ما يقتضيه طلبه و لما كان الأمر على ما ذكرناه و أدخل الحق نفسه تحت طلب عباده فأطاعهم كلفهم إن يطيعوه على ألسنة الرسل فمن أطاعه منهم ظهر له بصفة الحق التي ظهر للعباد بها في إعطاء ما طلبوه منه و من عصاه علم عند ذلك ما السبب الذي أدى هذا العاصي إلى أن يعصي ربه فلم يكن ذلك إلا إظهار الحكمة عموم الرجوع الإلهي إلى العباد بحسب أحوالهم فإنه عام الرجوع فرجع على الطائعين بما وعد و رجع على العاصين بالمغفرة و إن عاقب و ظهرت المعصية في أول إنسان و الإباية في أول جان ثم انتشرت المعاصي في الأناسي و الجن بحسب الأوامر و النواهي و كان ذلك على قدر ما علم الحق من الرجوع الإلهي إليهم بهذه المخالفات فلم يقدر مخلوق على إن يطيع اللّٰه تعالى طاعة اللّٰه بما يطلبه العبد منه بحاله مما يسوءه و مما يسره فإن الحال الذي قام فيه العبد إذا كان سوء فإن لسان الحال يطلب من الحق ما يجازيه به و يرجع به عليه إما على التخيير و ذلك ليس إلا لحال المعصية القائم بالعاصي و إما على الوجوب بالتعيين فالرجوع الإلهي على العاصي إما بالأخذ و إما بالمغفرة و الرجوع على الطائع بالإحسان فما أعطى الحق برجوعه للعبد إلا ما طلب منه العبد بلسان حاله و هو أفصح الألسنة و أقوم العبارات فأصل المعاصي في العباد يستند إلى نسبة إلهية و هي أن اللّٰه هو الآمر عباده و الناهي تعالى و المشيئة لها الحكم في الأمر الحق المتوجه على المأمور إما بالوقوع أو بعدم الوقوع فإن توجهت بالوقوع سمي ذلك العبد طائعا و يسمى ذلك الوقوع طاعة فإنه أطاعت الإرادة الأمر الإلهي و إن لم تتوجه المشيئة بوقوع ذلك الأمر عصت الإرادة الأمر و ليس في قوة الأمر الحكم على المشيئة فظهر حكم المشيئة في العبد المأمور فعصى أمر ربه أو نهيه و ليس ذلك إلا للمشيئة الإلهية فقد تبين لك من العاصي و من الطائع و إلى أي أصل ترجع معصية المكلف أو طاعته فلا رجوع إلا لله على العباد و رجوع العباد إلى اللّٰه برجوع الحق عليهم كما قال تعالى ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا فلو لا توبة اللّٰه عليهم ما تابوا و التوبة الرجوع فالله أكثر رجوعا إلى العباد من العباد إليه فإن رجوع العباد إلى اللّٰه بإرجاع اللّٰه فما رجعوا إلى اللّٰه إلا بالله و بعد أن أوجد اللّٰه العالم و أبقى الوجود عليه لم يتمكن إلا بحفظه فإنه لا بقاء له إلا بالحفظ الإلهي فالعبد يرجع إلى اللّٰه من نفسه و يرجع إلى نفسه من اللّٰه و الحق ما له رجوع إلا إلى عباده من عباده فما كانت له رجعة من نفسه إلا الأولى المعبر عن ذلك بابتداء لعالم و لو كانت المشيئة تقتضي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست