responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 375

الاختيار لجوزنا رجوع الحق إلى نفسه و ليس الحق بمحل للجواز لما يطلبه الجواز من الترجيح من المرجح فمحال على اللّٰه الاختيار في المشيئة لأنه محال عليه الجواز لأنه محال أن يكون لله مرجح يرجح له أمرا دون أمر فهو المرجح لذاته فالمشيئة أحدية التعلق لا اختيار فيها و لهذا لا يعقل الممكن أبدا إلا مرجحا إلا أن الحق من كونه غفورا أرسل ستره و حجابه بين بعض عباده و بين إحالة رجوع الحق إلى نفسه في غناه عن العالم فقال في ذلك الستر فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و هذا ليس يتمكن الحكم به إلا و لا عالم أو يكون متعلق المشيئة الاختيار و كلا الأمرين مع وجود العالم لا يكون و لا واحد منهما فالمحجوب بهذا الحجاب يقول فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و لا يعلم صورة الأمر كيف هو و المرفوع عنه من العباد هذا الستر إذا قالها تلاوة و علم متعلقها و ما هو الأمر عليه الآن و ما كان عليه الأمر و ترك متعلق غناه فيما بقي من الممكنات لم يوجد فإنها غير متناهية بالأشخاص فلا بد من بقاء ما لم يوجد فبه تتعلق صفة الغني الإلهي عن العالم فإن بعض العالم يسمى عالما فمن فهم الغني الإلهي هكذا فقد علمه و أما تنزيه الحق عما تنزهه عباده مما سوى العبودية فلا علم لهم بما هو الأمر عليه فإنه يكذب ربه في كل حال يجعل الحق فيه نفسه مع عباده و هذا أعظم ما يكون من سوء الأدب مع اللّٰه أن ينزهه عما نسبه سبحانه إلى نفسه بما نسبه إلى نفسه فهو يؤمن ببعض و هو قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و يكفر ببعض ف‌ أُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ حَقًّا فجعل العبد نفسه أعلم منه بربه نفسه و أكثر من هذا الجهل فلا يكون و العبد المؤمن ينبغي له أن ينسب إلى الحق ما نسبه الحق إلى نفسه على حد ما يعلمه اللّٰه من ذلك إذا لم يكن ممن كشف اللّٰه عن بصيرته حتى رأى الأمر على ما هو عليه و هذا هو الشرك الخفي فإنه نزاع لله تعالى خفي في العبد لا يشعر به كل أحد و لا سيما الواقع فيه و يتخيل أنه في الحاصل و هو في الفائت و لهذا أمر الحق تعالى أن يسبح بحمده أي بما أثنى على نفسه و ما وصف تعالى نفسه بشيء إلا في معرض الثناء عليه بذلك الوصف و هذا المنزه الجاهل ينزهه عن ذلك الوصف الذي وصف به الحق نفسه و أخذ يثني عليه بما يرى أنه ثناء على اللّٰه و اللّٰه ما أمره أن ينزهه إلا بحمده أي بما أثنى على نفسه به في كتبه و على السنة رسله وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ إلا هذا الإنسان فإن بعضه يسبحه بغير حمده و يكذب الحق في بعض ما أثنى به على نفسه و هو لا يشعر بذلك و لهذا قال تعالى وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً فلم يؤاخذكم على ما تركتم من الثناء عليه مما أثنى به على نفسه و لم يعجل عليكم العقوبة غَفُوراً بما ستره عنكم من علم ذلك ممن هو بهذه المثابة فإذا أراد العبد نجاة نفسه و تحصيل أسباب سعادته فلا يحمد اللّٰه إلا بحمده كان ما كان على علم اللّٰه في ذلك من غير تعيين فإن قبضه اللّٰه تعالى على ذلك اطلع على الأمر على ما هو عليه إذا لم يكن من أهل الكشف في الحياة الدنيا و إن لم يفعل و تأول فهو لما تأوله و حرمه اللّٰه كل ما خرج عن تأويله فلم يره فيه و هذا أعظم الحرمان و عند الكشف الأخروي يرى ما كان عليه من سوء الأدب مع اللّٰه و الجهل به كما ورد أن أهل هذا المقام إذا تجلى لهم الحق تعالى في الآخرة ينكرونه و لا يقرون به لأنهم ما عبدوا ربا إلا مقيدا بعلامة فإذا ظهر لهم بتلك العلامة أقروا له بالربوبية و هو عين ما أنكروه و أي جهل أعظم من أن يقر بما هو له منكر و يتضمن هذا المنزل علم الوافدين على اللّٰه و علم أنواع الفتوح و مجيء المعاني بمجيء من قامت به فينسب المجيء إليها لا إليه و علم الزمان

«الوصل السادس»من خزائن الجود فيما
يناسب

و يتعلق به المنزل السادس

من ستر الحق و لم يفشه فذلك الشخص الذي قد كفر
و ليس مخفيا على ناظر فيه بعين العقل أو بالبصر
تبارك اللّٰه الذي لم يزل يظهر فيما قد بدا من صور
فإنه منشئها دائما في كل ما يظهر أو قد ظهر

[أن عبادة اللّٰه بالغيب عين عبادته بالشهادة]

اعلم أيدك اللّٰه أن عبادة اللّٰه بالغيب عين عبادته بالشهادة فإن الإنسان و كل عابد لا يصح أن يعبد معبوده إلا عن شهود إما بعقل أو ببصر أو بصيرة فالبصيرة يشهده العابد بها فيعبده و إلا فلا تصح له عبادة فما عبد إلا مشهودا لا غائبا فإن أعلمه بتجليه في الصور للبصر حتى يميزه عبده أيضا على الشهود البصري و لا يكون ذلك إلا بعد أن يراه بعين بصيرته فمن جمع بين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست