responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 373

أن كل اسم تسمى به شيء مما يعطيه فائدة إن ذلك اسم اللّٰه غير أنه لا يطلقه عليه حكما شرعيا و أدبا إلهيا و الاسم الإلهي المغني هو الذي يعطي مقام الغني للعبد بما شاء مما تستغني به نفسه و الغني و إن كان بالله فهو محل الفتنة العمياء فإنه يعطي الزهو على عباد اللّٰه و يورث الجهل بالعالم و بنفسه كما قال صاحب الجنيد و من العالم حتى يذكر مع اللّٰه هذا و إن كان الذي قال هذا القول صاحب حال و علم بأن اللّٰه ما خاطب عباده إلا بقدر ما جعل فيهم من القبول لمعرفة خطابه فيتنوع خطابه ليتسع الأمر و يعم فما خلق اللّٰه العالم على قدم واحدة إلا في شيء واحد و هو الافتقار فالفقر له ذاتي و الغني له أمر عرضي و من لا علم له يغيب عن الأمر الذاتي له بالأمر العارض و العالم المحقق لا يزال الأمر الذاتي من كل شيء و من نفسه مشهودا له دائما دنيا و آخرة فلا يزال عبدا فقيرا تحت أمر سيده لا يستغني في نفسه عن ربه أبدا أ لا ترى أن السجود لله تعالى عام في كل مخلوق إلا هذا النوع الإنساني فإنه لم يعمه السجود لله و مع هذا فقد عمه السجود فإنه لا يخلو أن يكون ساجدا لأن السجود له ذاتي لأنه عبد فقير محتاج يتألم فالحاجة به منوطة قائمة فأما إن يسجد لله و إما أن يسجد لغير اللّٰه على إن ذلك السجود له عنده إما لله و إما لمن يقرب إلى اللّٰه في زعمه لا بد من هذا التوهم و لهذا رحم اللّٰه عباده بما كلفهم و أمرهم به من السجود لآدم و للكعبة و لصخرة بيت المقدس لعلمه بما جعل في عباده إن منهم من يسجد للمخلوقات عن غير أمر اللّٰه فأمر من أمر من ملك و إنسان بالسجود للمخلوق و جعل ذلك عبادة يتقرب بها إليه سبحانه ليقل السؤال يوم القيامة عن الساجدين لغير اللّٰه عن غير أمر اللّٰه فلا يبقى للحق عليهم مطالبة إلا بالأمر فيقول لهم من أمركم بذلك ما يقول لهم لا يجوز السجود لمخلوق فإنه قد شرع ذلك في مخلوق خاص حسا و خيالا كرؤيا يوسف ع الذي رأى الشمس و القمر و أحد عشر كوكبا ساجدين له فكان ذلك أباه و خالته و إخوته فوقع حساما كان إدراكه خيالا و القصة فيه معروفة متلوة قرآنا في صورة كوكبية فلما دخلوا عليه خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فقال يوسف ع لأبيه هٰذٰا تَأْوِيلُ أي مال رُءْيٰايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهٰا رَبِّي حَقًّا أي حقا في الحس و قد كانت حقا في الخيال في موطن الرؤيا فما ثم إلا حق و ما كان اللّٰه ليسرمد عذابا على من أتى حقا فإن اللّٰه لما قسم الحق إلى ما هو مأمور به و منهي عنه فأراد الحق أن يفرق بين من أتى المأمور به و بين من أتى المنهي عنه ليتميز الطائع من العاصي فتتميز المراتب فإذا عرف كل أحد قدره و ما أتى عمت الرحمة الجميع كل صنف في منزله من حيث إنه ما جاء إلا بحق و إن كان منهيا عنه فإن المفتري صاحب حق خيالي لا حق حسي فإنه لا يفتري المفتري حتى يحضر في خياله الافتراء و المفترى عليه و يقيمه في صورة ما افترى به عليه فإذا تخلية مثل صورة النوم سواء أخبر عنه بحق خيالي لكنه سكت عن التعريف بذلك للسامع فأخذه السامع على أنه حق محسوس فأراد اللّٰه الفرقان بين طبقات العالم و مراتبه فلذلك أعقب صاحب هذا النعت بالعقوبة على ذلك أو بالمغفرة بأيهما شاء لأن من هؤلاء العصاة المعاقب و المغفور له كما أنه من الطائعين العالم بالأمر على ما هو عليه في نفسه و هم العاملون على بصيرة أهل الكشف و الوجود و منهم المحجوب عن ذلك مع كونه مطيعا فلم يجعل اللّٰه أهل الطاعة على رتبة واحدة فما في الوجود المعنوي و الحسي و الخيالي إلا حق فإنه موجود عن حق و لا يوجد الحق إلا الحق و لهذا

قال ص في دعائه يخاطب ربه تعالى و الخير كله في يديك و الشر ليس إليك فإنه ضد الخير فما صدر عن الخير إلا الخير و الشر إنما هو عدم الخير فالخير وجود كله و الشر عدم كله لأنه ظهور ما لا عين له في الحقيقة فهو حكم و الأحكام نسب و إنما قلنا ظهور فيه لأن ذلك لغة عربية قال إمرؤ القيس لو يشرون مقتلي أي يظهرون و لذلك قال تعالى عن نفسه فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ و هو إخفاء ما له عين وَ أَخْفىٰ و هو إظهار ما لا عين له فيتخيل الناس أن ذلك حق و اللّٰه يعلم أنه ليس له وجود عين في نفس الحكم فيعلم السر و أخفى أي أظهر في الخفاء من السر كما قال مٰا بَعُوضَةً فَمٰا فَوْقَهٰا يعني في الصغر و هكذا هذا هو أظهر في الخفاء من السر و الشيء الخافي هو الظاهر لغة منقولة قال تعالى في تأييد ما ذكرناه كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ فكل شيء هو موجود نشاهده حسا و نعلمه عقلا فليس بها لك فكل شيء وجهه و وجه الشيء حقيقته فما في الوجود إلا اللّٰه فما في الوجود إلا الخير و إن تنوعت الصور

فإن رسول اللّٰه ص قد أخبرنا أن التجلي الإلهي يتنوع و قد أخبرنا اللّٰه تعالى أنه كل يوم في شأن : فنكر و ما هو إلا اختلاف ما هو فيه فكل ما ظهر فما هو إلا هو و لنفسه ظهر فما يشهده أمر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست