responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 99

فالأول يمكن أن يقوم بعينه أمر يزيل عنه النور الذي إذا اجتمع بنور الايمان أدرك الأمور التي ألزمه الايمان القول بها و هو المؤمن الذي لا دليل له و ينظر الأشياء بذاته فيدخله الشك ممن يشككه فإن فطرته تعطي النظر في الأدلة إلا أنه لم ينظر فإذا نبه تنبه فمثل هذا إن لم يسرع إليه الذوق و إلا خيف عليه و المؤمن الآخر هو بمنزلة الجسد الذي قد تسوت بنيته و استوت آلات قواه و تركبت طبقات عينه غير أنه ما نفخ فيه الروح فلا نور لعينه فإذا كان الإنسان بهذه المثابة من الطمس فنفخ فيه روح الايمان فأبصرت عينه بنور الايمان الأشياء فلا يتمكن له إدخال الشكوك عليه جملة و رأسا فإنه ما لعينه نور سوى نور الايمان و الضد لا يقبل الضد فما له نور في عينه يقبل به الشك و القدح فيما يراه و هكذا هي الأذواق و هذه فائدتها و متى لم يكن الايمان بهذه المثابة و الفطرة بهذه المثابة و إلا فقليل أن يجيء منه ما جاء من الأنبياء و الأولياء من الصدق بالإلهيات

[الفطرة الذكية و الفطرة المطموسة]

فالفطرة الذكية التي تقبل النظر في المعقولات من أكبر الموانع لحصول ما ينبغي أن يحصل من العلم الإلهي و الفطرة المطموسة هي القابلة التي لا نور لعينها من ذاتها إلا من نور الايمان فلا تعطي فطرته النظر في الأمور على اختلافها و مما يعضد ما قلناه حديث إبار النخل و حديث نزوله بأصحابه يوم بدر و قوله مٰا أَدْرِي مٰا يُفْعَلُ بِي وَ لاٰ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّٰ مٰا يُوحىٰ إِلَيَّ أي ما لي علم و لا نظر بغير ما يوحى إلي و هذا باب لا يعرفه إلا أهل اللّٰه و منزلة الأنبياء فيما يأخذونه من الغيب بطريق الايمان من الملائكة منزلة المؤمنين مع ما يأخذونه من الأنبياء فالأنبياء مؤمنون بما يلقي إليهم الروح و الروح مؤمن بما يلقي إليه من يلقي إليه

[حظ المؤمن من الظاهر و الباطن و الأول و الآخر]

فحظ المؤمن كان من كان من الظاهر ما ألقى إليه و حظه من الباطن ما استتر به و حظه من الأول علم الخواطر الإلهية و حظه من الآخر إلحاق بقية الخواطر بالخواطر الإلهية و هو تتميم قوله وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

(السؤال السابع و التسعون)ما حظ المؤمنين من قوله كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ

الجواب المؤمن هو الذي ذكرناه الذي لا نور لعين بصيرته إلا نور الايمان فكل شيء عنده هالك عن شيئيته شيئية ثبوته و شيئية وجوده إلا وجهه وجه الشيء ذاته و حقيقته و وجهه مظهره أي ظهوره في الأعيان فأما شيئية ذاته فهي المستثناة لا بد من ذلك و أما وجهه في المظهر فبعض أصحابنا يدخلها في كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ و بعض أصحابنا لا يدخلها هنالك فأما من أدخلها في الهلاك فاعتبر مظهرا خاصا و أما من لم يدخلها في الهلاك فاعتبر أنها لا تخلو عن مظهر ما

[إطلاق لفظ الشيئية على ذات الحق]

و أما نحن فلا نثبت إطلاق لفظ الشيئية على ذات الحق لأنها ما وردت و لا خوطبنا بها و الأدب أولى و الأولى أن يكون هنا وجهه مثل إطلاق الأول يريد المظهر لا هويته و المظهر له مناسبة بينه و بين الوجه الظاهر فيه فلذلك صح الاستثناء قال تعالى إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ فسماه شيئا في حال هلاكه فكل شيء موصوف بالهلاك لأن هالك خبر المبتدأ الذي هو كل شيء أي كل ما ينطلق عليه اسم شيء فهو هالك و إن كان مظهرا فهو في حال كونه مظهرا في شيئية عينه و هي هالكة فهو هالك في حال اتصافه بالوجود كما هو هالك في حال اتصافه بالهلاك الذي هو العدم

[العدم للممكن ذاتي]

فإن العدم للممكن ذاتي أي من حقيقة ذاته أن يكون معدوما و الأشياء إذا اقتضت أمورا لذواتها فمن المحال زوالها فمن المحال زوال حكم العدم عن هذه العين الممكنة سواء اتصفت بالوجود أو لم تتصف فإن المتصف بالوجود ما هو عين الممكن و إنما هو الظاهر في عين الممكن الذي سمي به الممكن مظهرا لوجود الحق فكل شيء هالك فلهذا نفينا عن الحق إطلاق لفظ الشيء عليه و يكون الاستثناء استثناء منقطعا مثل قوله فَسَجَدَ الْمَلاٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّٰ إِبْلِيسَ

[الممكن قبل الوجود بالترجيح]

أ لا ترى لما استحق الحق الوجود لذاته استحال عليه العدم كذلك إذا استحق الممكن العدم لذاته استحال وجوده فلهذا جعلناه مظهرا قلنا في كتاب المعرفة إن الممكن ما استحق العدم لذاته كما يقوله بعض الناس و إنما الذي استحقه الممكن تقدم اتصافه بالعدم على اتصافه بالوجود لذاته لا العدم و لهذا قبل الوجود بالترجيح إذن فالعدم المرجح عليه الوجود ليس هو العدم المتقدم على وجوده و إنما هو العدم الذي له في مقابلة وجوده في حال وجوده أن لو لم يكن الوجود لكان العدم فذلك العدم هو المرجح عليه الوجود في عين الممكن هذا هو الذي يقتضيه النظر العقلي

[الوجود في الممكن ليس عين الموجود]

و أما مذهبنا فالعين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهر إلا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود بل هو حال لعين الممكن به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة لأن الحقيقة تأبى أن يكون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست