responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 673

إنسان كان ذكر الشعائر في آية الحج و ذكر المناسك و هي متعددة أي في كل قصد فكان سبب القسم بالأشياء طلب التعظيم من الخلق للأشياء حتى لا يهملوا شيئا من الأشياء الدلالة على اللّٰه سواء كان ذلك الدليل سعيدا أو شقيا و عدما أو وجودا أي ذلك كان و إن كان القصد الإلهي بالقسم نفسه لا الأشياء بل المقصود الأمران معا و هو الصحيح فاعلم أنه ليس المراد بهذا القصد الآخر إلا التعظيم لنا و التعريف فذكر الأشياء و أضمر الأسماء الإلهية لتدل الأشياء على ما يريده من الأسماء الإلهية فما تخرج عن الدلالة و شرفها فقال وَ السَّمٰاءِ وَ مٰا بَنٰاهٰا أي و باني السماء وَ الْأَرْضِ وَ مٰا طَحٰاهٰا أي و باسط الأرض وَ النَّجْمِ إِذٰا هَوىٰ أي و مسقط النجم فاختلفت الأشياء فاختلفت النسب فاختلفت الأسماء و تعينت المختصة بهذا الكون المذكور فعلم من اللّٰه ما ينبغي أن يطلق عليه من الأسماء في المعنى فيما أضمر و في اللفظ فيما أطلق إذ لو أراد إطلاق ما أضمره عليه لأظهره كما أظهره في قوله فَوَ رَبِّ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ فجاء بالاسم الرب بالنسبة الخاصة المتعلقة بالسماء خاصة و اسم الأرض مضمر لأنه للرب نسبة خاصة في الأرض ليست في السماء و لذلك لم يتماثلا بل السماء مغايرة للأرض لاختلاف النسب فنسبة الرب لخلق السماء مغايرة للنسبة الربانية لخلق الأرض و لو لا وجود الواو في قوله و الأرض الذي يعطي التشريك لقلنا باختلاف الاسم الرب لاختلاف النسبة و لكن الواو منعت و القرآن نزل باللسان العربي و الواو في اللسان في هذا الباب إذا ذكر الأول و لم يذكر في المعطوف عليه حكم آخر دلت على التشريك فإذا قلت قام زيد و عمر و فلا يريد القائل إذا وقف على هذا من غير قاطع عرضي مثل انقطاع النفس بسعلة تطرأ عليه أو شغل يشغله عن تمام تلفظه في مراده فهو للتشريك و لا بد فيما ذكر فالقاطع منعه أن يقول و عمر و خارج أو يقول و عمر و أبوه قاعد فهذه الواو واو الابتداء و الحال لا واو العطف فإذا قال قام زيد و خرج عمرو فهذه واو العطف أعني عطف جملة على جملة لا واو التشريك فلهذا جعلنا الواو في قوله و الأرض للتشريك في الاسم الإلهي المذكور الذي هو المعطوف عليه و كان الإضمار في النسبة التي يقع فيها التغاير فافهم فإنه من دقيق المعرفة بالله

[ما نص بتسرمد العذاب الذي هو الألم]

و اعلم أنه لما رأى بعض العارفين تعظيم هذه الأمور مشروعا ألحق كل ما سوى اللّٰه بالسعادة التي هي في حق أصحاب الأغراض من المخلوقين وصولهم إلى أغراضهم التي تخلق لهم في الحال فلم يبق صاحب هذا النظر أحدا في العذاب الذي هو الألم فإنه مكروه لذاته و إن عمروا النار فإن لهم فيها نعيما ذوقيا لا يعرفه غيرهم فإنه لكل واحدة من الدارين ملؤها فأخبر اللّٰه أنه يملؤها و يخلد فيها مؤبدا و لكن ما ثم نص بتسرمد العذاب الذي هو الألم لا الحركات السببية في وجود الألم في العادة بالمزاج الخاص المحس للألم فقد نرى الضرب و القطع و الحرق في الوجود ظاهرا و لكن لا يلزم عن تلك الأفعال ألم و لا بد و قد شاهدنا هذا من نفوسنا في هذا الطريق و هذا من شرف الطريق و فيه يقول أصحابنا ليس العجب من ورد في بستان فإنه المعتاد و إنما العجب من ورد في وسط النار لأنه غير معتاد يريد أنه ليس العجب ممن يجد اللذة في المعتاد و إنما العجب ممن يجد اللذة في غير السبب المعتاد و هو كان مطلوب أبي يزيد في قوله

سوى ملذوذ وجدي
بالعذاب
و لهذا سمي عذابا لأنه يعذب في حال ما عند قوم ما لمزاج يطلبه و إذا كان الحق يأمر بتعظيم كل ما سواه مما هو مضاف إليه و ما ثم إلا ما هو مضاف إليه إما نصا أو عقلا فبعيد إن يتسرمد عليه العذاب الذي هو الألم و قد كان اللّٰه و لا شيء معه و لم يرجع إليه وصف لم يكن عليه مما أوجده و خلقه فكذلك هو و يكون و إنما قلنا هذا من أجل من يقول بنفي اسم من الأسماء الإلهية لا أثر له قلنا و إن لم يكن له أثر فليس كماله بوجود الأثر عنه فإن العين واحدة فافهم ذلك و هذه مسألة من أشكل المسائل في هذا الطريق

[إن رحمة اللّٰه سبقت غضبه]

و اللّٰه يقول إن رحمته سبقت غضبه يريد أن حكمه برحمة عباده سبق غضبه عليهم و لا يظهر السبق في نفس الشأو فإنه قد يكون الفرس واسع النفس بطيء الحركة و الآخر ضيق النفس سريع الحركة و الشأو طويل فلا يزال الواسع النفس و إن أبطأ في الحضر يدخل على الضيق النفس حتى يزيد عليه و يتركه خلفه فلا يحكم بالسبق إلا في آخر الشأو فمن حاز قصب السبق فهو السابق و لهذا يطول في المسابقة بين الخيل في المسافة و هو مشروع في معرض التنبيه على هذا المقام و آخر المسافة هو الذي ينتهي إليه الحكم بالسبق و الرحمة سبقت غضب اللّٰه على خلقه فهي تحوز العالم في الدارين بكرم اللّٰه و ما ذلك على اللّٰه بعزيز و إن كانوا في النار فلهم فيها نعيم فإنهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 673
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست