responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 660

النور الذي هو العلم رأى يده و هو اقتداره فعلم إن الاقتدار الكوني هو اقتدار الحق لارتفاع الظلمات المتراكمة التي كانت بعضها فوق بعض و لهذا وقع التشبيه بأشد الظلمات فإن ظلمة الجو تقترن معها ظلمة البحر تقترن معها ظلمة الموج تقترن معها ظلمة تراكم الموج تقترن معها ظلمة السحاب التي تحجب أنوار الكواكب فلا يبقى للنور ظهور لا في عينه و لا في مجلى من مجاليه فظلمة الليل ظلمة الطبع و ظلمة البحر ظلمة الجهل و هو فقد العلم و ظلمة الفكر ظلمة الموج و ظلمة الموج المتراكم ظلمة تداخل الأفكار في الشبه و ظلمة السحاب ظلمة الكفر فمن جمع هذه الظلمات فقد خسر خسرانا مبينا و هذه حالة المعطلة لا غيرهم

[علم الإفصاح عن درجات القرب الإلهي من حضرة اللسن]

و أما ما يتضمنه هذا المنزل من علم الإفصاح عن درجات القرب الإلهي من حضرة اللسن فاعلم أن ذلك معرفة علم الشارع المترجم عن اللّٰه الذي أمرنا بالإيمان بمحكمه و متشابهه و لنقبل جميع ما جاء به فإن ناولنا شيئا من ذلك على أنه مراد المتكلم به في نفس الأمر زال عنا درجة الايمان فإن الدليل حكم على الخير فيعطل حكم الايمان و جاء العلم الصحيح من المؤمن يقول لصاحب هذا الدليل أما القطع منك بأن هذا الذي أعطاك نظرك هو مقصود المفصح بما أفصح به فهو عين الجهل و فقد العلم الصحيح و إن صادف العلم و قد زال عنك الايمان و السعادة مرتبطة بالإيمان و بالعلم الصحيح عن علم و العلم الصحيح هو الذي يبقى معه الايمان فعلى العارف أن يبين طريق السعادة نيابة عن اللّٰه تعالى في خلقه كنيابة القمر عن الشمس في إيصال النور فالأنبياء المرسلون عليهم السلام هم التراجمة عن الحق و الورثة على درجتهم بما يعطيهم اللّٰه من الفهم فيما جاءت به الرسل من كتاب و سنة فهذا هو علم الإفصاح مختصر

[اجتماع الضدان في العلم الإلهي سبب تألفت الضرتان]

و أما علم تألف الضرتين فاعلم إن أبا سعيد الخراز قيل له بم عرفت اللّٰه فقال بجمعه بين الضدين و تلا هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ أي هو أول من عين ما هو آخر و ظاهر من حيث ما هو باطن لأن الحيثية في حقه واحدة و كل ضدين ضرتان و هذا لا يدرك من قوة العقل فإن قوة العقل لا تعطيه و إنما يدرك هذا من المقام الذي وراء طور العقل الذي كان من ذلك الطور أعطى الواجبات وجوبها و الجايزات جوازها و المستحيلات إحالتها و الأحديات أحديتها فهو الذي جعل الواحد واحدا كما جعل الواجب واجبا بإعطائه الوجوب و ليس في قوة العقل إدراك ما ذكرناه من حيث فكره فهذا علم صحيح إلهي لا عقلي فإذا اجتمع الضدان في العلم الإلهي فقد تألفت الضرتان و تحابا إذ كانا لعين واحدة فتدبر هذا الفصل بنور الايمان لا بنور العقل فإنه مردود عقلا غير مقبول و كما لم يكن في قوة البصر أن يدرك المعقولات و لم يتعد حده كذلك العقل ليس في قوته إن يدرك ما يعطيه البصر بذاته من غير واسطة البصر فإذا عجزت قوة العقل أن تستقل بعلم المبصرات من حيث ما هي مبصرات و هي مخلوقة و قوة البصر مخلوقة فمن له بإدراك ما يخرج عن طوره إلى ما هو أعلى في نسبته إلى الحق و قد عجز عن إدراك ما خرج عن طوره إلى ما هو أنزل درجة و هو الحس في زعمه و من افتقر إلى مخلوق مثله في أمر فهو إلى الخالق أفقر و يكفي هذه الإشارة فيما يعرفه العارفون من ذلك

[الاصطلام نار ترد على قلوب المحبين تحرق كل شيء تجده ما سوى المحبوب]

و أما معرفة الاصطلام اللازم و صفة من أعطى مقام هذا الاصطلام من المقربين من أمثالهم ممن لم يعطه فاعلم أن الاصطلام نار ترد على قلوب المحبين تحرق كل شيء تجده ما سوى المحبوب و قد تذهب في أوقات بصورة المحبوب من نفس المحب و هو الوقت الذي يطلب المحب أن يتخيل محبوبه فلا يقدر على تخيله و لا يقيم صورته لقوة سلطان حرقة لهيب نار الحب فيقال فيه في ذلك الحال مصطلم و هو الذي أراد القائل بقوله

أودع فؤادي حرقا أودع ذاتك توذى أنت في أضلعي
و ارم سهام الحب أو كفها أنت بما ترمي مصاب معي
موقعها القلب و أنت الذي مسكنه بذاك الموضع
و من هذه الحال قال قيس بن الملوح مجنون بنى عامر صاحب ليلى و كان قد جاءته ليلى و هو مصطلم يأخذ الجليد و يلقيه على صدره فيذيبه من ساعته حرارة الفؤاد و هو يصيح ليلى ليلى طلبا لها لفقد صورتها من خياله فنادته يا قيس أنا مطلوبك أنا ليلى فلم يكن لها في نفسه صورة متخيلة يعرفها بها إلا أنه لما سمع منها اسمها قال لها إليك عني فإن حبك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 660
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست