responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 659

و قد أبنت لك ما فيه كفاية فإنه تلويح يغني عن التصريح

[علامة عمل السعادة أن يستعمل الإنسان في الحضور مع اللّٰه]

و أما أعمال السعادة فعلاماتها أن يستعمل الإنسان في الحضور مع اللّٰه في جميع حركاته و ممكناته و أن تكون مشاهدة نسبة الأفعال إلى اللّٰه تعالى من حيث الإيجاد و الارتباط المحمود منها و أما الارتباط المذموم منها فإن نسبه إلى اللّٰه فقد أساء الأدب و جهل علم التكليف و بمن تعلق و من المكلف الذي قيل له افعل إذ لو لم يكن للمكلف نسبة إلى الفعل بوجه ما لما قيل له افعل و كانت الشريعة كلها عبثا و هي حق في نفسها فلا بد أن يكون للعبد نسبة صحيحة إلى الفعل من تلك النسبة قيل له افعل و ليس متعلقها الإرادة كالقائلين بالكسب و إنما هو سبب اقتداري لطيف مدرج في الاقتدار الإلهي الذي يعطيه الذليل كاندراج نور الكواكب في نور الشمس فتعلم بالدليل أن للكواكب نورا منبسطا على الأرض لكن ما ندركه حسا لسلطان نور الشمس كما يعطي الحس في أفعال العباد إن الفعل لهم حسا و شرعا و أن الاقتدار الإلهي مندرج فيه يدركه العقل و لا يدركه الحس كاندراج نور الشمس في نور الكواكب فإن نور الكواكب هو عين نور الشمس و الكواكب لها مجلى فالنور كله الشمس و الحس يجعل النور للكواكب فيقول قد اندرج نور الكواكب في نور الشمس و على الحقيقة ما ثم إلا نور الشمس فاندرج نوره في نفسه إذ لم يكن ثم نور غيره و المرائي و إن كان لها أثر فليس ذلك من نورها و إنما النور يكون له أثر من كونه بلا واسطة في الكون و يكون له أثر آخر في مرآة تجليه بحكم يخالف حكمه من غير تلك الواسطة فنور الشمس إذا تجلى في البدر يعطي من الحكم ما لا يعطيه من الحكم بغير البدر لا شك في ذلك كذلك الاقتدار الإلهي إذا تجلى في العبيد فظهرت الأفعال عن الخلق فهو و إن كان بالاقتدار الإلهي و لكن يختلف الحكم لأنه بوساطة هذا المجلى الذي كان مثل المرآة لتجليه و كما ينسب النور الشمسي إلى البدر في الحس و الفعل لنور البدر و هو للشمس فكذلك ينسب الفعل للخلق في الحس و الفعل إنما هو لله في نفس الأمر و لاختلاف الأثر تغير الحكم النوري في الأشياء فكان ما يعطيه النور بوساطة البدر خلاف ما يعطيه بنفسه بلا واسطة كذلك يختلف الحكم في أفعال العباد و من هنا يعرف التكليف على من توجه و بمن تعلق و كما تعلم عقلا إن القمر في نفسه ليس فيه من نور الشمس شيء و أن الشمس ما انتقلت إليه بذاتها و إنما كان لها مجلى و أن الصفة لا تفارق موصوفها و الاسم مسماه كذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء و لا حل فيه و إنما هو مجلى له خاصة و مظهر له و كما ينسب نور الشمس إلى البدر كذلك ينسب الاقتدار إلى الخلق حسا و الحال الحال و إذا كان الأمر بين الشمس و البدر بهذه المثابة مع الخفاء و إنه لا يعلم ذلك كل أحد فما ظنك بالأمر الإلهي في هذه المسألة مع الخلق أخفى و أخفى فمن وقف على هذا العلم فهو من أعلى علامات السعادة و فقد مثل هذا من علامات الشقاء و أريد بهذا سعادة الأرواح و شقاوتها المعنوية و إنما السعادة الحسية و الشقاوة فعلاماتهما الأعمال المشروعة بشروطها و هو الإخلاص قال تعالى أَلاٰ لِلّٰهِ الدِّينُ الْخٰالِصُ و قال وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ و يكفي هذا القدر من العلامات مجملا و اللّٰه الموفق لا رب غيره

[أما خيبة المعتمد على الأمور التي نصبها اللّٰه للاعتماد عليها]

و أما خيبة المعتمد على الأمور التي نصبها اللّٰه للاعتماد عليها و لما ذا يخيب صاحبها مع كون الحق نصبها لهذا الأمر و أهلها له فاعلم أيها الأخ الولي أن الأمور التي نصبها الحق للاعتماد عليها ما خرجت عنه و لكن جعلها هذا الخائب أربابا من دون اللّٰه فاعتمد عليها لذواتها لا على من جعلها فاضربه الجهل كما ذكرناه آنفا فالآثار الظاهرة عن نور الشمس في مرآة البدر إذا نظر فيه الناظر و اعتمد على الشمس في ذلك من حيث هذا المجلى الخاص الذي ربط اللّٰه الأثر به فهذا لا يخيب فاته أعطى الأمر حقه و هذا لا ينكسف البدر في حقه أبدا و الذي يخيب هو الذي ينكسف البدر في حقه فيبقى في ظلمة جهله مع وجود ذات المرآة القمرية فيكون هذا الخائب مع ذلك المظهر في الظلمات فإن القمر قد حجب في حق هذا الشخص الذي كان يعتمد عليه إِنَّكُمْ وَ مٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ و هي الظلمة فإن الظلمة جهنم و أية ظلمة و أي جهنم أعظم من الجهل و بها شبه اللّٰه في قوله أَوْ كَظُلُمٰاتٍ فقال ظُلُمٰاتٌ بَعْضُهٰا فَوْقَ بَعْضٍ و هو جهل على جهل و هو من جهل و لا يعلم أنه جهل فنفى عنه إن يقارب رؤية يده فكيف إن يراها و أدخل اليد هنا دون غيرها لأنها محل وجود الاقتدار و بها يقع الإيجاد أي إذا أخرج اقتداره ليراه لم يقارب رؤيته لظلمة الجهل لأنه لو رآه لرآه عين الاقتدار الإلهي أ لا تراه إذا أخرجه في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 659
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست