responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 640

المخلوقة من لفظ التوبة عن ذلك الشر فإن الكشف أعطى ذلك و صدقه الوحي المنزل بقول اللّٰه تعالى في هذا الصنف يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ فجعل التبديل في عين السيئة و هو ما ذكرناه و لقد أخبرني عبد الكريم بن وحشي المصري و كان من الرجال بمكة رحمه اللّٰه سنة تسع و تسعين و خمسمائة قال لي ركبت البحر من جدة نطلب الديار المصرية فلما مخرنا جئنا ليلة و نحن نجري في وسط البحر و قد نام أهل المركب فإذا شخص من الجماعة قد قام يريد قضاء الحاجة فزلقت رجله و وقع في البحر و أخذته الأمواج فسكت الرائس و ما تكلم و كانت الريح طيبة فما شعر رائس المركب إلا و الرجل يجيء على وجه الماء حتى دخل المركب و صحبته طائر كبير فلما وصل إلى المركب طار الطائر و نزل بجامور الصاري على رأس القرية ثم رآه قد مد منقاره إلى إذن ذلك الرجل كأنه يكلمه ثم طار فلم يقل له الرائس شيئا حتى إذا كان في وقت آخر من النهار أخذه الرائس و أكرمه و سأله الدعاء فقال له الرجل ما أنا من القوم الذين يسأل منهم الدعاء فقال له الربان رأيتك البارحة و ما جرى منك فقال يا أخي ليس الأمر كما ظننت و لكني لما وقعت في البحر و أخذتني الأمواج تيقنت بالهلاك و علمت إن الاستغاثة بكم لا تفيد فقلت ذلك تقدير العزيز العليم مستسلما لقضاء اللّٰه فما شعرت إلا و طائر قد قبض علي و أقامني من بين الأمواج و حملني على موج البحر إلى أن أدخلني المركب كما رأيت فتعجبت من صنع اللّٰه و بقيت أتطلع إلى الطائر و أقول يا ليت شعري من يكون هذا الطائر الذي جعله اللّٰه سبب نجاتي و حياتي فمد الطائر منقاره من أعلى الصاري إلى أذني و قال لي أنا كلمتك ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ و به سميت فكان اسم ذلك الطائر ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ فهذا مما أشرنا إليه من خلق اللّٰه الملائكة من الكلمات و تلك الكلمات تكون أسماءهم و بها يتميزون و بها يدعون كانت ما كانت و يختص بهذا المنزل علوم كثيرة و تجليات يطول الكلام فيها و يكفي هذا القدر وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثامن و الثمانون و مائتان في معرفة منزل التلاوة الأولى من الحضرة الموسوية»



كن للاله كبسم اللّٰه للبشر من اسمه الرب رب الروح و الصور
فالخلق و الأمر و التكوين أجمعه له فلا فرق بين العقل و الحجر
كالزاهد المتعالي في غناه به فلا يميز بين العين و المدر
و العارف المتعالي في نزاهته له التميز بين العين و البصر
إذ الرجوع إلى التحقيق شيمة من يرى المنازل في الأعلام و السور

[أول ما أمر اللّٰه به عبده الأدب]

أول ما أمر اللّٰه به عبده الجمع و هو الأدب و هو مشتق من المأدبة و هو الاجتماع على الطعام كذلك الأدب عبارة عن جماع الخير كله

قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه أدبني أي جمع في جميع الخيرات لأنه قال فحسن أدبي أي جعلني محلا لكل حسن فقيل للإنسان اجمع الخيرات فإن اللّٰه جعل في الدنيا عبده عاملا جابيا يجبي له سبحانه جميع ما رسم له فهو في الدنيا يجمع ذلك فما خلقه اللّٰه إلا للجمع فإن جمع ما أمر بجمعه و جباه كان سعيدا و وهبه الحق جميع ما جباه و أنعم عليه فكانت أجرته عين ما جمعه مع الثناء الإلهي الحسن عليه بالأمانة و العدل و عدم الظلم و الخيانة و إن كان عبد سوء خان في أمانته فأعطاها غير أهلها و جمع ما لم يؤمر بجمعه مما نهي عنه إن يدخل فيه نفسه و ترك جمع ما أمر بجمعه فلما انقلب إلى سيده و حصل في ديوان المحاسبة و قعد أهل الديوان يحاسبونه و رأى شدة الهول في حسابه و حساب غيره و رأى الأمناء الذين جبوا على حد ما رسم لهم قد سعدوا و آمنوا كثر عليه الغم و الحزن فمنهم من عفي عنه و خلى سبيله لشفاعة شافع و منهم من لم يكن له شفيع فعذب و عصر فمن عرف ما خلق له و عمل عليه استراح راحة الأبد مع أنه في نفسه في زمان جبايته على حذر و خطر و إن كان هذا فأحسن ما جمعه الإنسان في حياته العلم بالله و التخلق بأسمائه و الوقوف عند ما تقتضيه عبوديته و أن يوفي ما تستحقه مرتبة سيده من امتثال أوامره و منزل هذا الأمر من الأسماء الإلهية الاسم الرب و قد نعت اللّٰه سبحانه هذا الاسم بالعظمة و الكرم و العلو في مواضع من كتابه العزيز و ذكر ما جعل تحت حكمه و بيده من الأمور و جعل للباء في هذا المنزل سلطانا عظيما حيث جعلها واسطة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 640
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست