responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 639

بالغيب و لا بالشهادة لأن الشهادة لا تنفك عن الصور و قد قلنا لا صورة فقد قلنا لا شهادة و الصورة تجعل ذلك الأمر غيبا و قد قلنا بزوال الصورة فقد رفعنا حكم الغيب عن ذلك الأمر فلا غيب و لا شهادة و في هذا المنزل من العجائب و الأسرار ما لو أظهرناه لتوقفت عقول أكثر علماء هذه الطريقة السليمة عن قبول مثلها و من هذا المنزل يتلقى ملك الموت آجال الناس و اختلف أهل الكشف في آجال الحيوان و في آجال كل ما سوى الإنسان هل هذا المنزل منزل علمها أم لا و هل لما عدا الحيوان آجال أم لا

[إن اللّٰه تعالى جعل لكل صورة في العالم أجلا]

فاعلم إن اللّٰه تعالى جعل لكل صورة في العالم أجلا تنتهي إليه في الدنيا و الآخرة إلا الأعيان القابلة للصور فإنه لا أجل لها بل لها منذ خلقها اللّٰه الدوام و البقاء قال تعالى كُلٌّ يَجْرِي إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى و قال ثُمَّ قَضىٰ أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ فجاء بكل و هي تقتضي الإحاطة و العموم و قد قلنا إن الأعيان القابلة للصور لا أجل لها فبما ذا خرجت من حكم كل قلنا ما خرجت و إنما الأجل الذي للعين إنما هو ارتباطها بصورة من الصور التي تقبلها فهي تنتهي في القبول لها إلى أجل مسمى و هو انقضاء زمان تلك الصورة فإذا وصل الأجل المعلوم عند اللّٰه في هذا الارتباط انعدمت الصورة و قبل العين صورة أخرى فقد جرت الأعيان إلى أجل مسمى في قبول صورة ما كما جرت الصورة إلى أجل مسمى في ثبوتها لتلك العين الذي كان محل ظهورها فقد عم الكل الأجل المسمى فقد قدر اللّٰه لكل شيء أجلا في أمر ما ينتهي إليه ثم ينتقل إلى حالة أخرى يجري فيها أيضا إلى أجل مسمى فإن اللّٰه خلاق على الدوام مع الأنفاس فمن الأشياء ما يكون مدة بقائه زمان وجوده و ينتهي إلى أجله في الزمان الثاني من زمان وجوده و هي أقصر مدة في العالم و فعل اللّٰه ذلك ليصح الافتقار مع الأنفاس من الأعيان إلى اللّٰه تعالى فلو بقيت زمانين فصاعدا لاتصفت بالغنى عن اللّٰه في تلك المدة و هذه مسألة لا يقول بها أحد إلا أهل الكشف المحقق منا و الأشاعرة من المتكلمين و موضع الإجماع من الكل في هذه المسألة التي لا يقدرون على إنكارها الحركة إلا طائفتين من يجعل الحركة نسبة لا وجود لها و هو الباقلاني من المتكلمين و أصحاب الكمون و الظهور القائلون به و إن قال القائلون بالكمون و الظهور بذلك فإنهم تحت حيطة كل بهذا المذهب فإنه قد جرى في كمونه إلى أجل مسمى و هو زمان ظهوره فقد انقضت مدة كمونه و جرى في ظهوره إلى أجل مسمى و هو زمان كمونه فقد انقضت مدة ظهوره و لا يلزم من جريانهم إلى الأجل أن المراد عدمهم بل يجوز أن يكون له العدم و يجوز أن يكون الانتقال مع بقاء العين الموصوفة بالجري و يجوز أن يكون منه أجل يعدمه و منه ما يكون له أجل بانتقاله يعدمه و هو الذي نذهب إليه و نقول به*

[إن لله أرواحا من الملائكة ما لا يدري مقداره]

و اعلم أن لله في هذا المنزل أرواحا من الملائكة بأيديهم من الخيرات و النعيم الدائم ما لا يدري مقداره إلا اللّٰه تعالى قد وكلهم اللّٰه على ذلك و جعلهم حفظة عليه و خزانا لأصحابه من الأناسي يؤدون ذلك إليه في الوقت الذي قد قرر لهم الحق ذلك و عينه لهم بالحال التي ينتقل ذلك العبد السعيد إليها و كذلك له ملائكة خزنة بالنقيض أيضا معدة لإنسان آخر يؤدون ذلك إليه في الوقت الذي قرره الحق لهم بالحال التي ينتقل إليها ذلك العبد الشقي كل ذلك بتقدير العزيز العليم*

[خلق الملائكة من تكلم العبد]

و اعلم أنه ما من كلمة يتكلم بها العبد إلا و يخلق اللّٰه من تلك الكلمة ملكا فإن كانت خيرا كان ملك رحمة و إن كانت شرا كان ملك نقمة فإن تاب إلى اللّٰه و تلفظ بتوبته خلق اللّٰه من تلك اللفظة ملك رحمة و خلع من المعنى الذي دل عليه ذلك اللفظ بالتوبة الذي قام يقلب التائب على ذلك الملك الذي كان خلقه من كلمة الشر خلعة رحمة و واخى بينه و بين الملك الذي خلقه من كلمة التوبة و هو قوله تبت إلى اللّٰه فإن كانت التوبة عامة خلع على كل ملك نقمة كان مخلوقا لذلك العبد من كلمات شره خلع رحمة و جعل مصاحبا لملك المخلوق من لفظة توبته فإنه إذا قال العبد تبت إليك من كل شيء لا يرضيك كان في هذا اللفظ من الخير جمعية كل شيء من الشر فخلق من هذا اللفظ ملائكة كثيرة بعدد كلمات الشر التي كانت منه فإن الإنسان أعطى لفظا يدل على الإفراد و أعطى لفظا يدل على الاثنين و أعطى لفظا يدل على الكثرة فلفظة كل تدل على الكثرة فعلم إن قوله تبت إلى اللّٰه من كل شيء إنه تبت إلى اللّٰه من كذا تبت إلى اللّٰه من كذا تبت إلى اللّٰه من كذا كما تقول زيدون تريد بذلك زيد و زيد و زيد هذا أقله إلى ما لا يتناهى كثرة و كذلك لفظة زيود في جمع التكسير فلهذا خلق اللّٰه من كلمة الجمع ملائكة بعدد ما تعمه تلك الكلمة و إنما قلنا بأن الملائكة المخلوقة من كلمة الشر يخلع عليها خلع الخير و ترجع ملائكة رحمة في حق هذا التائب و يصاحب بينها و بين الملائكة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 639
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست