responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 638

و الابتهال إلى اللّٰه بالافتقار و الخشوع المستعمل في إن يتجلى له حكم توليه إياه بارتفاع الوسائط من الوجه الخاص الذي بين كل موجود و بين ربه الذي لا يعرفه كل عارف و من هذا المنزل يعرف ما ينزل الحق من المعارف على قلوب عباده بإنزال الأرواح إليها قال تعالى يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ ... أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا و لم يقل هو فكان الروح هو الملقي من عند اللّٰه إلى قلوب عباده و يكون أمر اللّٰه هو الذي ألقاه و يكون ذلك الروح صورة قوله لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاتَّقُونِ فارتفعت الوساطة في هذا المنزل إذ كان عين الوحي المنزل هو عين الروح و كان الملقي هو اللّٰه لا غيره فهذا الروح ليس عين الملك و إنما هو عين المالكة فافهم فمثل هذا الروح لا تعرفه الملائكة لأنه ليس من جنسها فإنه روح غير محمول ليس نورانيا و الملك روح في نور و هذا الذوق لنا و لسائر الأنبياء و أما الملائكة فقد يكونون ممن اختص بهم الرسل و هو قوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلىٰ قَلْبِكَ فهو رسول الرسول و أما تنزل الأرواح الملكية على قلوب العباد فإنهم لا ينزلون إلا بأمر اللّٰه الرب و ليس معنى ذلك أن اللّٰه يأمرهم من حضرة الخطاب بالإنزال و إنما يلقي إليهم ما لا يليق بمقامهم في صورة من ينزلون عليه بذلك فيعرفون إن اللّٰه قد أراد منهم الإنزال و النزول بما وجدوه في نفوسهم من الوحي الذي لا يليق بهم و أن ذلك الوحي من خصائص البشر و يشاهدون صورة المنزل عليه في الصور التي عندهم تسبيحها يا من أظهر الجميل و ستر القبيح للستور التي تسدل و ترفع فيعرفون من تلك الصور من هو صاحبها في الأرض فينزلون عليه و يلقون إليه ما ألقى إليهم فيعبر عن ذلك الملقي بالشرع و الوحي فإن كان منسوبا إلى اللّٰه بحكم الصفة سمي قرآنا و فرقانا و توراة و زبورا و إنجيلا و صحفا و إن كان منسوبا إلى اللّٰه بحكم الفعل لا بحكم الصفة سمي حديثا و خبرا و رأيا و سنة و قد ينزلون أيضا بالأمر الإلهي من حضرة الخطاب و كلا الوجهين من التنزل يتضمنه قول جبريل لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم لما قال له الحق أن يفر له لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم عن ربه و لهذا جعله من القرآن و هو حكاية اللّٰه عن جبريل و جبريل هو الذي نزل به و ما أخرجه نزوله به و الحكاية عنه عن إن يكون قرآنا فكان جبريل يحكي عن اللّٰه تعالى ما حكى اللّٰه تعالى عن جبريل أن لو قال لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم ذلك لقاله له على هذا الحد في عالم الشهادة و هو قوله وَ مٰا نَتَنَزَّلُ إِلاّٰ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مٰا بَيْنَ أَيْدِينٰا وَ مٰا خَلْفَنٰا وَ مٰا بَيْنَ ذٰلِكَ وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ نَسِيًّا فيما شاهده من قول جبريل لمحمد عليهما السلام و هم أعيان ثابتة في حال عدمهم و خطاباتهم أعيان ثابتة في حال عدمهم له فهو الإشارة إليه بقوله نَسِيًّا فكانت الحكاية أمرا محققا عن وجود لله محقق لا يتصف بالحدوث ثم حدث الوجود لتلك الأعيان فأخبرت بما كان منها قبل كونها مما شاهده الحق و لم تشهده لعدم وجودها في عينها روى عن الزهري أنه حدث عن شخص من الثقات حديثا أو حدث عنه فقال المحدث عنه لا أعلم هذا الحديث و لا أنا منه على يقين و لكن أنت عندي ثقة فرواه عنه عن نفسه و قال حدثني فلان عني و قال إني قلت له حدثني فلان و اتصل الإسناد فتنبه لهذه المسألة في طريق الرواية و مما يتضمن هذا المنزل فضل العلم المستور على العلم المشهور و العلم المستور هو على ضربين ضرب منه لم يضمن في الشهادة صور كلمات و ضرب ضمن صور كلمات فمثل العلم المضمن صور كلمات و هو مستور عن إن يتعلق به معرفة عارف على القطع إلا بأخبار إلهي فهو علم ما تشابه من القرآن الذي لا يعلم تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّٰهُ فهذا من العلوم المستورة و لكن لا يعرف من صور الكلمات في أي وجه هو مستور فيه و العلم الثاني المستور هو الذي لم يكن له صورة يحتجب بها من صور الكلمات و فضل مثل هذا العلم و منزلته مجهولة يعلمها اللّٰه و من أعلمه اللّٰه و قد يصادف الإنسان العمل بما يقتضيه ذلك العلم و هو لا يعرف ذلك حتى ينتقل إلى الدار الآخرة فيجد ثمرة عمله مرتبطة بمنزلة ذلك العلم المستور فيعلمه عند ذلك و مما يتعلق بهذا الباب إنزال الهو منزلة الشاهد مع بقاء الهو في عينه منزها و لا يكون الهو ينزل أبدا إلا في صور مدركة بالحس إما في الحس و إما في الخيال و يسمى بالهو في حال ظهور الصورة ليعلم أن الهو روح تلك الصورة و مدلولها فيعلم إن تلك الصورة لا يعلم معناها إلا اللّٰه كما قال تعالى وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ و من كان عند الهو كان بحيث الهو و الهو غيب و الذي يكون عنده غيب و إذا كان غيبا عند غيب فلا تعلمه الشهادة و إنما يعلمه الغيب فلا يعلم ما في الغيب إلا من هو غيب فمن حيث الصور ينسب إلى الغيب الظرفية فإذا ارتفعت الصور زال الغيب لأن الحجاب قد ارتفع فلا يتصف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 638
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست