responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 580

و نفى التشبيه بأحدية كل أحد بقوله وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و أثبت له أحدية لا نكون لغيره و أثبت له الصمدانية و هي صفة تنزيه و تبرئة فارتفع إن يكون الضمير يعود على الرب المذكور المضاف إلى الخلق في قولهم له صلى اللّٰه عليه و سلم انسب لنا ربك فأضافوه إليه لا إليهم و لما نسبه صلى اللّٰه عليه و سلم بما أنزل عليه لم يضفه لا إليه و لا إليهم بل ذكره بما يستحقه جلاله فإذا ليس الضمير في هو اللّٰه يعود على من ذكر و أين المطلق من المقيد فهوية المقيد ليست هوية المطلق فهوية المقيد نسبة تتعلق بالكون فتتقيد به إذ تقيد الكون بها فيقال خالق و مخلوق و قادر و مقدور و عالم و معلوم و مريد و مراد و سميع و مسموع و بصير و مبصر و مكلم و مكلم و الحي ليس كذلك فهو هويته لا تعلق له بالكون و ليس القيوم كذلك فإذا عرفت ما ذكرناه عرفت أن الإضمار قبل الذكر لا يصح إلا على اللّٰه و بعد الذكر تقع فيه المشاركة قال تعالى اَللّٰهُ الَّذِي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فأعاد الضمير على اللّٰه المذكور في أول الآية

[أن التوحيد الذي يؤمر به العبد غير التوحيد الذي يوحد الحق به نفسه]

و اعلم أن التوحيد الذي يؤمر به العبد أن يعلمه أو يقوله ليس هو التوحيد الذي يوحد الحق به نفسه فإن توحيد الأمر مركب فإن المأمور بذلك مخلوق و لا يصدر عن المخلوق إلا ما يناسبه و هو مخلوق عن مخلوق فهو أبعد في الخلق عن اللّٰه من الذي وجد عنه هذا التوحيد على كل مذهب من نفاة الأفعال عن المخلوقين و مثبتيها لأن النفاة قائلون بالكسب و غير النفاة قائلون بالإيجاد فكيف يليق بالجناب العزيز ما هو مضاف إلى الخلق و إن كنا تعبدنا به شرعا فنقرره في موضعه و نقوله كما أمرنا به على جهة القربة إليه مع ثبوت قدمنا فيما أشهدنا الحق من المعرفة به من كونه لا يعرف في لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و فيما ذكره في سورة الإخلاص و في عموم قوله بالتسبيح الذي هو التنزيه رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ و العزة تقتضي المنع أن يوصل إلى معرفته و من أسرار هذا المنزل قوله لَوْ أَرٰادَ اللّٰهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً فإن كان لو حرف امتناع و لكنه امتناع شيء لامتناع غيره فهو عدم لعدم فإذا جاء حرف لا بعد لو كان لو حرف امتناع لوجود و لم يأت في هذه الآية لا فنفى الإرادة أن تتعلق باتخاذ الولد و لم يقل إن يلد ولدا فإنه يقول لَمْ يَلِدْ و الولد المتخذ يكون موجود العين من غير أن يكون ولدا فيتبنى بحكم الاصطفاء و التقريب في المنزلة أن ينزله من نفسه منزلة الولد من الوالد الذي يكون له عليه ولادة و الحقيقة تمنع من الولادة و التبني لأن النسبة مرتفعة عن الذات و النسبة الإلهية من اللّٰه لجميع الخلق نسبة واحدة لا تفاضل فيها إذا لتفاضل يستدعي الكثرة فلهذا أتى بلفظة لو و لم يجعل بعدها لفظة لا فكان حرف امتناع أي لم يقع ذلك و لا يقع لامتناع الذات إن توصف بما لا تستحقه و لهذا قال مَا اتَّخَذَ صٰاحِبَةً وَ لاٰ وَلَداً بعد قوله تعالى وَ أَنَّهُ تَعٰالىٰ جَدُّ رَبِّنٰا فوصفه بالعلو عن قيام هذا الوصف لعظمة الرب المضاف إلى المربوب بالذكر فكيف بالرب من غير إضافة لفظية فكيف بالاسم اللّٰه فكيف بالذات من غير اسم فأعظم من هذا التنزيه ما يكون و أما نفي الكفاءة و المثل فربما يتوهم من لا معرفة له بالحقائق أنه لو وجدت الكفاءة جاز وقوع الولد بوجود الصاحبة التي هي كفؤ فليعلم إن الكفاءة مشروعة لا معقولة و الشرع إنما لزمها من الطرف الواحد لا من الطرفين فمنع المرأة أن تنكح ما ليس لها بكفء و لم يمنع الرجل أن ينكح ما ليس بكفء له و لهذا له أن ينكح أمته بملك اليمين و ليس للمرأة أن ينكحها عبدها و الحق ليس بمخلوق و هو الوالد لو كان له ولد و الكفاءة من جهة الصاحبة لا تلزم فارتفع المانع لوجود الولد لا لعدم الكفاءة بل لما تستحقه الذات من ارتفاع النسب و النسب و لما تستحقه أحدية الألوهة إذا لولد شبيه بأبيه فبطل مفهوم من حمل مَا اتَّخَذَ صٰاحِبَةً وَ لاٰ وَلَداً على جواز ذلك إذ كان متخذا و كان المفهوم منه و من نفي الكفء و المثل ما ذكرناه و لما كان التنزيه للذات على ما قررناه بطل أن تكون المعرفة به القائمة بنا نتيجة عن معرفتنا بنا لاستنادنا إليه من حيث إمكاننا و إن ذلك لا يتضمن معرفة ذاته بالصفة الثبوتية النفسية التي هو عليها بالأصح من ذلك إلا الاستناد لذات منزهة عما ينسب إلينا مجهولة عندنا ما ينسب إليها من حيث نفسيتها فلا يعرف سبحانه أبدا و إذا كانت المعرفة به من النزاهة و العلو بهذا الحد فأحرى إن يكون وجوده معلولا لعلة تتقدمه في الرتبة أو مشروطا بشرط متقدم أو محققا لحقيقة حاكة أو مدلولا لدليل يربطه به وجه ذلك الدليل فلا جامع سبحانه بيننا و بينه من هذه الجوامع الأربعة فالتحقت المعرفة به منا بوجوده في النزاهة و الرفعة عن الإدراك لها و كما لم يصح أن ينتجه شيء فلا تكون هويته أيضا من حيث هويته لا من حيث مرتبته تنتج شيئا إذ لو ارتبط به شيء من حيث هويته لارتبطت

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 580
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست