responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 575



ما لفظة يقولها كل الورى عند الصباح يحمد القوم السري
ما ذا ترى في قولهم يا من يرى كل الأنام في الإمام و الورا
قد خاب في إنبائه من افترى على الإله عالما بما جرى
اعلم أيدنا اللّٰه و إياك بروح منه أن هذا المنزل منزل علم السري و أهله و يتضمن معرفة عالم الخلق و الظلال و منه يعرف كسوف القمر أهل الكشف و أنه من الخشوع الطارئ عن القمر من التجلي و يتعلق بهذا المنزل علم هاروت و ماروت من علم السحر و علم طلوع الأنوار

[أن الأنوار على قسمين أنوار أصلية و أنوار متولدة عن ظلمة الكون]

اعلم وفقك اللّٰه للقبول أن الأنوار على قسمين أنوار أصلية و أنوار متولدة عن ظلمة الكون كنور قوله تعالى وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهٰارَ فَإِذٰا هُمْ مُظْلِمُونَ و كقوله عز و جل فٰالِقُ الْإِصْبٰاحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ينظر إلى ذلك وَ مِنْ آيٰاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوٰاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهٰا ليكون له على النور ولادة و النور المتكلم عليه في هذا المنزل هو النور المولد الزماني و هذا المنزل مخصوص بالإمام الواحد من الإمامين اللذين للقطب و هو المسمى بعبد ربه و تارة يكون هذا النور ذكرا و تارة يكون أنثى فإذا غشى الليل النهار فالمتولد منه هو النور المطلوب و هذا النور المولد الذي شرعنا فيه هو نور العصمة للنبي و الحفظ للولي و هو يعطي الحياء و الكشف التام فإنه يكشف و يكشف به و النور الأصلي يكشف و لا يكشف به لأنه يغلب على نور الأبصار فتزول الفائدة التي جاء لها النور و لهذا تلجأ نفوس العارفين بالأنوار و مراتبها إلى هذا النور المولد من الظلمة للمناسبة التي بيننا و بينه من خلق أرواحنا فإن الأرواح الجزئية متولدة عن الروح الكلي المضاف إلى الحق و الأجسام الطبيعية الظلمانية بعد تسويتها و حصول استعدادها للقبول فيظهر بينهما في الجسم الروح الجزئي الذي هو روح الإنسان ينفلق عنه الجسم كانفلاق الصباح من فالق الإصباح في الليل فتقع المناسبة بين هذا النور و بين روح الإنسان فلذلك يأنس به و يستفيد منه و هكذا أجرى اللّٰه العادة و لم يعط من القوة أكثر من هذا و لو شاء لفعل و هكذا جرت المظاهر الإلهية المعبر عنها بالتجليات فإن النور الأصلي مبطون فيها غيب لنا و الصور التي يقع فيها التجلي محل لظهور المظهر فتقع الرؤية منا على المظاهر و لهذا هي المظاهر مقيدة بالصور ليكون الإدراك منا بمناسبة صحيحة فإن المقصود من ذلك حصول الفائدة به و بما يكون منه و هذا منزل عال كبير القدر العالم به متميز على أبناء جنسه و هو سار في الأشياء فكما أنه سبحانه ذكر أنه فٰالِقُ الْإِصْبٰاحِ كذلك هو فٰالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوىٰ بما يظهر منهما فما وقعت الفوائد إلا بمثل هذا النور و كانت الأنبياء عليهم السلام تتخذه وقاية تتقي به حوادث إلا كون التي هي ظلم الأغيار و كما تبين لك قدر هذا النور المولد و منزلته فلنبين ما يتخذ له وقاية و ذلك أن الوقاية لا تكون إلا من أجل الأمور التي يكرهها الإنسان طبعا و شرعا و هي أمور مخصوصة بعالم الخلق و التركيب الطبيعي لا بعالم الأمر و قد بينا في هذا الكتاب و غيره ما نريده بعالم الأمر و عالم الخلق و الكل لله تعالى قال عز و جل أَلاٰ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبٰارَكَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ فخصه بالاسم الرب دون غيره و لما كان عالم الخلق و التركيب يقتضي الشر لذاته لهذا قال عالم الأمر الذي هو الخير الذي لا شر فيه حين رأى خلق الإنسان و تركيبه من الطبائع المتنافرة و التنافر هو عين التنازع و النزاع أمر مؤد إلى الفساد قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ من غير تعرض لمواقع الأحكام المشروعة و كذلك وقع مثل ما قالوه و رأوا الحق سبحانه يقول وَ اللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ و قال وَ اللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ الْفَسٰادَ فكرهوا ما كره اللّٰه و أحبوا ما أحب اللّٰه و جرى حكم اللّٰه في الخلق بما قدره العزيز العليم فما ظهر من عالم التركيب من الشرور فمن طبيعته التي ذكرتها الملائكة و ما ظهر منه من خير فمن روحه الإلهي الذي هو النور المولد فصدقت الملائكة و لذلك قال وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ و إذا كان عالم الخلق بهذه المثابة فواجب على كل عاقل أن يعتصم بهذا النور المذكور في هذا المنزل فالشرور كلها مضافة إلى عالم الخلق و الخير كله مضاف إلى عالم الأمر

[أن الطبيعة تألفت لظهور عالم الخلق ليكون مظهرا لذلك النور]

و اعلم أن الطبيعة لما تألفت و اجتمعت لظهور عالم الخلق بعد أن كانت متنافرة ليظهر بذلك شرف هذا النور بما يكون فيه من الخير مع تولده من هذا التركيب لقوته و غلبة عالم الأمر على نشأته دخلت في الوجود الحسي فسميت جسما و حيوانا و نباتا و جمادا و ما من شيء من هذا كله إلا و الفساد و التغيير موجود فيه في كل حال و لو لا هذا النور الاعتصامي لهلك عالم الخلق جملة واحدة فأمر اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست