responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 574

للقطب بجوع اضطرارا لا اختيارا و يصبر عن النكاح كذلك لعدم الطول يعلم من تجلى النكاح ما يحرضه على طلبه و التعشق به فإنه لا يتحقق له و لا لغيره من العارفين عبوديته أكثر مما يتحقق له في النكاح لا في أكل و لا في شرب و لا في لباس لدفع مضرة و لا يرغب في النكاح للنسل بل لمجرد الشهوة و إحضار التناسل في نفسه لأمر مشروع و التناسل في ذلك للأمر الطبيعي لحفظ بقاء النوع في هذه الدار فإن نكاح صاحب هذا المقام كنكاح أهل الجنة لمجرد الشهوة إذ هو التجلي الأعظم الذي خفي عن الثقلين إلا من اختصه اللّٰه به من عباده و على هذا يجري نكاح البهائم لمجرد الشهوة لكن غاب عن هذه الحقيقة كثير من العارفين فإنه من الأسرار التي لا يقف عليها إلا القليل من أهل العناية و لو لم يكن فيه من الشرف التام الدال على ما تستحقه العبودية من الضعف إلا ما يجد فيه من قهر اللذة المفنية له عن قوته و دعواه فهو قهر لذيذ إذ القهر مناف للالتذاذ به في حق المقهور لأن اللذة في القهر من خصائص القاهر لا من خصائص المقهور إلا في هذا الفعل خاصة و قد غاب الناس عن هذا الشرف و جعلوه شهوة حيوانية نزهوا نفوسهم عنها مع كونهم سموها بأشرف الأسماء و هو قولهم حيوانية أي هي من خصائص الحيوان و أي شرف أعظم من الحياة فما اعتقدوه قبحا في حقهم هو عين المدح عند العارف المكمل هذا مضى بسبيله و أما حب القطب الجمال المقيد المندرج في الجمال المطلق فذلك لقربه في المناسبة إلى الجمال فلا يحتاج فيه إلى غور بعيد و قوة يشق بها حجاب قبح الطبع إلى إدراك الجمال الإلهي المودع في ذلك القبح فالجمال المقيد يعطيه بأول وهلة مقصوده حتى يتفرغ إلى أمر آخر آكد عليه من مقاومة القبح الطبيعي لإدراك الجمال المطلق إذا لا نفاس عزيزة في دار التكليف و يريد أن لا يكون له نفس إلا و قد تلقاه بأحسن أدب و صرفه بأحسن خلعة و زينة و قد غاب عن هذا القدر من المعرفة جماعة من العارفين و أنفت نفوسهم من ذلك لمشاركة أهل الأغراض من العامة فيه و ما علموا إن هذا الرجل له مشاهدة الجمال المطلق في الجمال المقيد و في غيره بخلاف العامة

[إن الأقطاب هم رجال الكمل]

و اعلم أن القطب هو الرجل الكامل الذي قد حصل الأربعة الدنانير الذي كل دينار منها خمسة و عشرون قيراطا و بها توزن الرجال فمنهم ربع رجل و نصف و ثمن و سدس و نصف سدس و ثلاثة أرباع و رجل كامل فالدينار الواحد للمؤمن الكامل و الدينار الثاني للولي الخاص و الدينار الثالث للنبوتين و الدينار الرابع للرسالتين أعني الأصلية بحكم الأبوة و الوراثة بحكم البنوة فمن حصل الثاني كان له الأول و من حصل الثالث كان له الثاني و الأول و من حصل الرابع حصل الكل و القطب من الرجال الكمل و إنما قلنا من الرجال الكمل من أجل الأفراد فإنهم مكملون و من أحوال القطب تقرير العادات و الجري عليها و لا يظهر عليه خرق عادة دائما كما يظهر على صاحب الحال و لا يكون خرق العادة مقصودا له بل تظهر منه و لا تظهر عنه إذ لا اختيار له في ذلك كما قال العارف أبو السعود بن الشبل في الرجل يتكلم على الخاطر و ما هو مع الخاطر فيكون في حقه بحكم الاتفاق الوجودي و في حق اللّٰه بحكم الإرادة و القصد فقد بينا بحمد اللّٰه الضروري الخاص من أحوال القطب و بينا رتبته لمن جهلها و أن الرجولية ليست فيما يتخيله الجهال من عامة الطريق بطريق اللّٰه فينحجبون بالحال عما يقتضيه العلم و المقام فيقولون كل علم لا يكون بالحال فليس بشيء فقل له لا تقل ذلك يا أخي فإنه خلاف الأمر و إنما الصحيح أن تقول كل علم لا يكون عن ذوق فليس بعلم أهل اللّٰه فأراك لا تفرق بين الحال و الذوق و ما ثم علم قط إلا عن ذوق لا يكون غير هذا و المتمكن في العبودة لا حال له البتة يخرجه عن عبودته فلو لم يكن في الأحوال من النقص إلا أنها تخرج العبد عن مقامه إلى ما لا يستحقه و لا هو حق له حتى أنه لو مات في حال الحال لمات صاحب نقص و حشر صاحب نقص فليست الأحوال من مطالب الرجال لكن الأذواق مطالبهم و هي لهم لما يحصل لهم فيها من العلوم بمنزلة الأدلة لأصحاب النظر فيها فالله يجعلنا ممن فهم ففهم عن اللّٰه مراده وَ اللّٰهُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و في هذا الباب من العلوم علم ما يستند إليه من الحضرة الإلهية و علم نسبة بنى آدم إلى اللّٰه من أسماء مخصوصة و علم ما يتقى و يحذر من العالم الروحاني و علم رجعة العالم الروحاني من أين و إلى أين و علم الصدور البشري

«الباب الأحد و السبعون و مائتان في معرفة منزل عند الصباح يحمد القوم السري
من المناجاة المحمدية و هو أيضا من منازل الأمر»

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 574
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست