responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 548



إن التجلي بالأسماء يحكمها و ذلك الحكم من أعلى توليه
إذا تدلى إلى أمر يعن له كان الدنو إلينا في تدليه
لما تلقاه قلبي في منازله كان الترقي به إلى تجليه

[أن الذوق أول مبادي التجلي و هو حال يفجأ العبد في قلبه]

اعلم أن الذوق عند القوم أول مبادي التجلي و هو حال يفجأ العبد في قلبه فإن أقام نفسين فصاعدا كان شربا و هل بعد هذا الشرب رى أم لا فذوقهم في ذلك مختلف فيه و قد ذكر عن بعضهم أنه شرب فارتوى نقل عنه ذلك و نقل عن أبي يزيد أن الري محال و كل نطق بحاله و لكل صاحب قول وجه عندنا صحيح في الطريق و عندنا في هذه المسألة تفصيل يرد إن شاء اللّٰه فيما بعد في باب الشرب أو الري أو في باب عدم الري إن ذكرنيه اللّٰه فابحث عليه في آخر هذه الأبواب من هذا الكتاب

[أن لكل تجلى مبدأ]

اعلم أن قولهم أول مبادئ التجلي إعلام أن لكل تجل مبدأ هو ذوق لذلك التجلي و هذا لا يكون إلا إذا كان التجلي الإلهي في الصور أو في الأسماء الإلهية أو الكونية ليس غير ذلك فإن كان التجلي في المعنى فعين مبدئه عينه ما له بعد المبدأ حكم يستفيده الإنسان بالتدريج كما يستفيد معاني تلك الصورة المتجلي فيها أو معاني الأسماء كلها كل اسم منها فيرى في المبدأ ما لا يراه من ذلك الاسم بعد ذلك و صاحب المعنى مبدأ كل شيء عينه فلا يستفيد منه بعد هذه الإفادة الكلية فله التفصيل في التعبير عن ذلك الأمر الواحد و هو المراد بقولنا في صدر هذا الكتاب

حتى بدت للعين سبحة وجهه و إلى هلم لم تكن إلا هي
فكان مبدؤها عينها و كل ما نأتي به بعد ذلك في جميع كلامنا إنما هو تفصيل لذلك الأمر الكلي تتضمنه تلك النظرة في تلك العين الواحدة و أكثر الناس على خلاف هذا الذوق و لهذا لا ينتظم كلامهم و يطلب الناظر فيه أصلا يرجع إليه جميع أقوالهم فلا يجد و كلامنا مرتبط بعضه بعضه لأنه عين واحدة و هذا تفصيلها و يعرف ما قلناه من يعرف مناسبة آي القرآن في نسق بعضها إلى بعض فيعرف الجامع بين الآيتين و إن كان بينهما بعد ظاهر فذلك صحيح و لكن لا بد من وجه جامع بين الأسين مناسب هو الذي أعطى أن تكون هذه الآية مناسبة لما جاورها من الآيات لأنه نظم إلهي و ما رأينا أحدا ذهب إلى النظر في هذا إلا الرماني من النحويين فإن له تفسير للقرآن أخبرني من وقف عليه أنه نحا في القرآن هذا المنحى و ما وقفت عليه لكني رأيت بمراكش ببلاد المغرب أبا العباس السبتي صاحب الصدقات يسلك هذا المسلك و فاوضته فيه و كان من أصحاب الموازين

[إن الأذواق يختلف باختلاف التجلي]

ثم اعلم أن الذوق يختلف باختلاف التجلي فإن كان التجلي في الصور فالذوق خيالي و إن كان في الأسماء الإلهية و الكونية فالذوق عقلي فالذوق الخيالي أثره في النفس و الذوق العقلي أثره في القلب فيعطي حكم أثر ذوق النفس المجاهدات البدنية من الجوع و العطش و قيام الليل و ذكر اللسان و التلاوة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الجهاد في سبيل اللّٰه و رمى ما تملكه اليدان كان وحده لا تكون له عائلة و لا شيخ فإن كان بين يدي شيخ معتبر يربيه فيرمي ما بيده بين يدي ذلك الشيخ و يخرج عنه بالكلية ظاهرا و باطنا و لا يبقى له ملكا و إن كره ذاك بباطنه لضعفه أو أدركته فيه مشقة فلا ينظر بإخراج ذلك من يده الالتذاذ بذلك بل إذا أخرجه عن مشقة أخرجه بنظر صحيح ثابت لا يتمكن له في نفسه إزالة ما نواه في ذلك و إذا أخرجه عن يده بلذة فما أخرجه بعقله فإن ارتفعت اللذة يمكن أن يدركه الندم بخلاف الكارة فإنه إذا أخرجه مع الكرة ثم بدا له في نفسه بالعناية الإلهية ما أزال الكرة عنه انتقل إلى حالة الالتذاذ بذلك فهو أثبت في المقام و هكذا كان خروجنا عما بأيدينا و لم يكن لنا شيخ نحكمه في ذلك و لا نرميه بين يديه فحكمنا فيه الوالد رحمه اللّٰه لما شاورناه في ذلك فإنا تركنا ما بأيدينا و لم نسند أمره إلى أحد لأنا لم نرجع على يد شيخ و لا كنت رأيت شيخا في الطريق بل خرجت عنه خروج الميت عن أهله و ما له فلما شاورنا الوالد و طلب منا الأمر في ذلك حكمناه في ذلك و لم أسأل بعد ذلك ما صنع فيه إلى يومي هذا هذا ما يعطي حكم ذوق النفس و لا بد منه لكل طالب و أصله

إتيان أبي بكر بجميع ما يملكه إلى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم حين قال له ائتني بما عندك و أتاه عمر بشطر ماله فإنه صلى اللّٰه عليه و سلم ما حد لهم في ذلك و لو حد لهم في ذلك ما تعدى أحد منهم ما حده له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و إنما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 548
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست