responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 547

البرزخ و منهم من يبقى على سكره في البرزخ إلى البعث

[تقدم السكر الطبيعي أو العقلي على السكر الإلهي]

و اعلم أنه إن تقدم للعبد سكر طبيعي أو عقلي ثم أزالهما أو أحدهما السكر الإلهي فالسكر الإلهي صحو من هذا السكر الذي كان في المحل و إن لم يتقدم لصاحب السكر الإلهي في المحل سكر عقلي و لا طبيعي فليس سكره الإلهي بصحو بل هو حال سكر ورد عليه و معنى الصحو أنه ينكشف له حق اللّٰه في الأمور التي استفادها في حال سكره فيعلم عند صحوه ما ينبغي أن يذاع منها في العموم و الخصوص و ما ينبغي أن يستر فإن كان قد أذاع منها في حال سكره شيئا فيعطيه الصحو أن يستغفر اللّٰه من ذلك و عذره مقبول و إنما يستغفر لأن السكران لا بد أن يبقى فيه من الإحساس ما يكون معه الطرب فلو لم يبق معه إحساس لكان مثل النائم يرتفع عنه القلم أي لا يلزمه الاستغفار و هذا الفرق بين السكران و المجنون و إن كان كل واحد منهما من أهل الإحساس فإن المجنون ارتفع عنه الحكم و لم يرتفع عن السكران و من حاله الاستغفار مما ظهر منه ما هو مثل حال من لم يقع منه ما يوجب الاستغفار فإن الاستغفار عندنا في طريق اللّٰه يكون في مقامين المقام الواحد ما ذكرناه و هو أن يبدو منه ما ينبغي أن يكون مستورا فيجب عليه الاستغفار من ذلك و قد يقع الاستغفار ممن لم يبد منه شيء يوجب الاستغفار فيستغفر من هذا مقامه أي يطلب أن يستره اللّٰه في كنف عنايته أن يحكم عليه حال من شأنه إذا لم يستره اللّٰه في كنف عنايته أن يبدو منه بحكم ذلك الحال ما ينبغي أن يستر و هذا هو المقام الثاني الذي لأهل الاستغفار فيبتدءون بطلب الستر من اللّٰه عن حكم حال يوجب عليهم الاعتذار من وقوعه و هذا هو استغفار الأكابر من الرجال المعصومين و لذلك ما سمع من نبي قط في حال نزول الوحي عليه كلام حتى يسرى عنه فإذا صحا حينئذ يخبر بما يجب و لهذا ما نقل عن نبي قط أنه ندم على ما قاله مما أوحي إليه فيه و أما ما كان عن نظر من غير وارد وحي فقد يمكن أن يرجع عن ذلك و يندم على ما جرى منه في ذلك و قد وقع منه مثل هذا في أسارى بدر و سوق الهدى في حجة الوداع و غير ذلك و لما كان في الصحو انكشاف لمراتب الأمور قدمناه في الفضيلة على السكر أي صاحبه مقبول الحكم لمعرفته بالمواطن و إن كان السكران صاحب حق أ لا ترى الصحو في السماء إذا أصحت أي زال غيمها و انكشفت لتعطي الشمس من حرارتها لما يخرج من الأرض من النبات و تسخين العالم لأن لها أثرا في ذلك كما أعطى الغيم ما في قوته من الرطوبة في الأرض لأجل ذلك النبات فأفاد حال السكر و حال الصحو في الطبيعة فإذا لم تقع فائدة عند السكران في الطريق و لا عند الصاحي منه فما هو من أهل الطريق بل يكون كالصحو الذي معه القحط المسمى صيلما و هو الذي أشرنا إليه في الأبيات في أول هذا الباب فصحو السكر كله أدب و علم و الناس فيه متفاضلون تفاضلهم في السكر

فكل سكر له احتكام و كل صحو له ثبات

[الصاحين إما أن يصحو بربه و إما بنفسه]

و اعلم أن من الصاحين من يصحو بربه و منهم من يصحو بنفسه و الصاحي بربه لا يخاطب في صحوه إلا ربه و لا يسمع إلا منه فلا يقع له عين إلا على ربه في جميع الموجودات و هو على أحد مقامين إما أن يكون يرى الحق من وراء حجاب الأشياء بطريق الإحاطة مثل قوله وَ اللّٰهُ مِنْ وَرٰائِهِمْ مُحِيطٌ و إما أن يرى الحق عين الأشياء و هنا ينقسم رجال اللّٰه على قسمين قسم يرى الحق عين الأشياء في الأحكام و الصور و قسم يرى الحق عين الأشياء من حيث ما هو قابل لحكم الصور و أحكامها لا من حيث عين الصور فإن الصور من جملة أحكام الأعيان الثابتة فتختلف أحوال رجال اللّٰه في صحوهم بالله و أما من صحا بنفسه فإنه لا يرى إلا أشكاله و أمثاله و يقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ خاصة و لا يعطي مقامه و لا حاله أن يتم الآية ذوقا و إن تلاها و هو قوله وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و صاحب الذوق الأول يقول وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ذوقا و تلاوة فيرى صاحب صحو النفس أن الحق في عزلة عنه كما يراه من جعله في قبلته إذا صلى و لا يراه أنه هو المصلي و هذا القدر من الإشارة في معرفة الصحو كاف و الصحو و السكر من الألفاظ المحجورة المختصة بالأكوان فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثامن و الأربعون و مائتان في الذوق»



لكل مبدأ مجلى في تجليه ذوق ينبئ عن معنى تخلية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 547
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست