responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 544



هو الباطن الحق في غيبتي و عند حضوري هو الظاهر
فإن فته فأنا أول و إن فاتني فأنا الآخر
اعلم أنه لا تكون غيبة إلا بحضور فغيبتك من تحضر معه لقوة سلطان المشاهدة كما أن سلطان البقاء يفنيك لأنه صاحب الوقت و الحكم و التفصيل في الحضور في أهله كما ذكرناه في الغيبة سواء فكل غائب حاضر و كل حاضر غائب لأنه لا يتصور الحضور مع المجموع و إنما هو مع آحاد المجموع لأن أحكام الأسماء و الأعيان تختلف و الحكم للحاضر فلو حضر بالمجموع لتقابلت و أدى إلى التمانع و فسد الأمر فلا يصح الحضور مع المجموع لا عند من يرى حضوره بحق و لا عند من يرى حضوره بخلق فإن حكم الأعيان مثل حكم الأسماء في التقابل و الاختلاف و ظهور السلطان فتدبر ما ذكرناه تجد العلم إن شاء اللّٰه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس و الأربعون و مائتان في السكر»



السكر أقعدني على العرش المحيط المستدير
و أنا بقاع قرقر من كل ما يغني فقير
و السكر من خمر الهوى و السكر من نظر المدير
قد قال قبلي شاعر و هو العليم به الخبير
فإذا سكرت فإنني رب الخورنق و السرير
و إذا صحوت فإنني رب الشويهة و البعير
قال تعالى وَ أَنْهٰارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّٰارِبِينَ و هو علم الأحوال و لهذا يكون لمن قام به الطرب و الالتذاذ و أما حدهم له بأنه غيبة بوارد قوي فما هو غيبة إلا عن كل ما يناقض السرور و الطرب و الفرح و تجلى الأماني صورا قائمة في عين صاحب هذا الحال و رجال اللّٰه تعالى في حال السكر على مراتب نذكرها إن شاء اللّٰه

فسكر طبيعي

و هو ما تجده النفوس من الطرب و الالتذاذ و السرور و الابتهاج بوارد الأماني إذا قامت الأماني له في خياله صورا قائمة لها حكم و تصرف يقول شاعرهم

فإذا سكرت فإنني رب الخورنق و السرير
فإنه كان يرى ملكه لذينك غاية مطلوبه فلما سكر قامت له صورة الخورنق و السرير ملكا له يتصرف فيه في حضرة تخيله و خياله أعطاه إياه حال السكر فإن له أثرا قويا في القوة المتخيلة قالوا قفون من أهل اللّٰه مع الخيال لهم هذا السكر الطبيعي فإنهم لا يزالون يراقبون ما تخيلوا تحصيله من الأمور المطلوبة لهم من اللّٰه حتى يتقوى عندهم ذلك و يحكم عليهم مثل

قوله عليه السلام اعبد اللّٰه كأنك تراه و

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم أيضا إن اللّٰه في قبلة المصلي و

قول الصاحب لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و قد سأله صلى اللّٰه عليه و سلم عن حقيقة إيمانه حين قال أنا مؤمن حقا فقال رضي اللّٰه عنه كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا يعني في يوم القيامة فجاء بما تعطيه حضرة الخيال فإذا تقوى مثل هذا التخيل أسكر النفس و قامت له صورة ما تخيل ينظر إليها بعينه و يخبر عنها كرؤية صاحب الرؤيا سواء و تلقي إليه و يصغي إليها و هو لا يعلم أنه يخاطب و يشاهد صورة خيالية بل يقطع أن ذلك شهود حسي فإذا صحا من ذلك السكر ارتفع عنه ذلك الأمر من حيث صورته مع بقاء تخيله عند بعض الناس ممن يتذكر ذلك في الذهن كما يرتفع عنه صورة ما رأى في النوم بالانتباه و من أهل هذا المقام من يبقي اللّٰه له تلك الصورة المتخيلة في حال صحوه فيثبتها له محسوسة بعد ما كانت متخيلة كالجنة التي خيلها إبليس في الخيال المنفصل لسليمان عليه السلام ليفتنه بها و لا علم لسليمان عليه السلام بذلك فسجد شكر اللّٰه تعالى حيث أتحفه بها فأبقاها اللّٰه له جنة محسوسة يتنعم بها و رجع إبليس خاسرا لأنه أراد بذلك فتنته و ما علم أن أهل اللّٰه إذا وقع لهم مثل هذا أنه يحدث ذلك عبادة لله عندهم هذا و المخيل عدو فكيف حالهم إذا كان خيالهم منهم و ليسوا بأعداء نفوسهم فإنهم يسعون في خلاصها و نجاتها فإذا كان سكرهم الطبيعي أثمر لهم مثل هذا فما ظنك بما فوقه من مراتب الإسكار

و أما السكر العقلي

فهو شبيه بالسكر الطبيعي في رد الأمور إلى ما تقتضيه حقيقته لا إلى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست