responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 536

من هذا و مع هذا الصدق فتركه أولى لأن مراعاة حق اللّٰه أولى من مراعاة الخلق إذ مراعاة الخلق إن لم تكن عن مراعاة مر الحق بها و إلا فهي مداهنة و المداهنة نعت مذموم لا ينبغي لأهل اللّٰه أن تتصف بشيء لا يكون للحق فيه أمر بوجوب إن كان فعلا أو يكون لذلك الفعل نعت إلهي في النعوت فتستند إليه فيه و لو كان مذموما في الخلق فإنه محمود في جانب الحق لظهور الحق به لأمر يقتضيه الحكم فمستنده الإلهي قول نوح لقومه فَإِنّٰا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمٰا تَسْخَرُونَ و قول اللّٰه إِنّٰا نَسِينٰاكُمْ ... كَمٰا نَسِيتُمْ لِقٰاءَ يَوْمِكُمْ هٰذٰا فوصف نفسه بالنسيان و يظهر حكم مثل هذا المقصود من ألحق به هَلْ ثُوِّبَ الْكُفّٰارُ مٰا كٰانُوا يَفْعَلُونَ فموضع الاستشهاد من هذا الموافقة في الصورة فانسحب الاسم عليه في الجناب الإلهي كما انسحب عليه في الجناب الكوني و لم يكن الغرض كون ذلك الأمر محمودا أو مذموما و إنما المراد ظهور الموافقة الإلهية فلما رأى أهل اللّٰه ظهور الموافقة الإلهية سامحوا في التواجد و اشترطوا التعريف لما يعطيه مقام الصدق الذي عليه اعتماد القوم فإن قلت فهذه الموافقة الإلهية و النبوية إنما وقعت في دارين و مجلسين مختلفين و التواجد في مجلس واحد قلنا صدقت فيما ذكرته في عين ما استشهدنا به فنحن ما قصدنا إلا الموافقة فإن أردت حصول الأمر من الجانبين في وقت واحد فذلك موجود في مكر اللّٰه بالماكرين مِنْ حَيْثُ لاٰ يَشْعُرُونَ فلا يكون ذلك إلا في الدنيا فإنهم في الآخرة يعرفون أن اللّٰه مكر بهم في الدنيا بما بسط لهم فيها مما كان فيه هلاكهم فهنا وقع المكر بهم حيث وقع المكر منهم بل في بعض الوقائع أو أكثرها بل كلها إن عين مكرهم هو مكر اللّٰه بهم وَ هُمْ لاٰ يَشْعُرُونَ و

لما دخل عمر بن الخطاب على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فوجده و أبا بكر يبكيان في قضية أسارى بدر فقال لهما عمر بن الخطاب اذكر إلى ما أبكاكما فإن وجدت بكاء بكيت و إن لم أجده تباكيت أي أوافقكما في إرسال الدموع و التباكي كالتواجد إظهار صورة من غير حقيقة فهي صورة بلا روح غير أن لها أصلا معتبرا ترجع إليه و هو ما ذكرناه فإن قلت فكيف تعطي الحقائق إظهار حكم معنى في الظاهر من غير وجود ذلك المعنى فيمن ظهر عليه حكمه قلنا هذا موجود في الإلهيات في قوله وَ لاٰ يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ و الرضي إرادة و قد نفى أن يكون مرضيا عنده فقد نفى أن يكون مرادا له فقد ظهر حكم معنى نفاه الحق عن نفسه فكذلك حكم الوجد في التواجد مع نفي الوجد عنه و لمسألة الرضي معنى دقيق ذكرناه في كتاب المعرفة و هو جزء لطيف فلينظر هناك و إنما جئنا به هنا صورة لم نذهب به مذهب التحقيق الذي لنا في الأشياء و إنما أخرجناه مخرج البرهان الجدلي الموضوع لدفع حجة الخصم لا لإقامة البرهان على الحق فالوجد الظاهر في التواجد هو حكم وجد متخيل في نفس المتواجد فهو حكم محقق في حضرة خيالية و قد بينا أن الخيال حضرة وجودية و أن المتخيلات موصوفة بالوجود فما ظهر المتواجد بصورة حكم الوجد إلا لهذا الوجد المتخيل في نفسه فما ظهر إلا عن وجود فله وجه إلى الصدق و لهذا يجب على المتواجد التعريف بتواجده ليعلم السامع من أهل المجلس أن ذلك عن الوجد المتخيل لا عن الوجد القائم بالنفس في غير حضرة الخيال له في و الخيال حكم صحيح في الحس كصاحب الصفراء إذا كان في موضع يتخيل السقوط منه فيسقط فهذا سقوط عن تخيل ظهر حكمه في الحس و كذلك المتواجد قد يحكم عليه الوجد المتخيل بحيث أن يفنيه عن الإحساس كما يفنى صاحب الوجد الصحيح و لكن بينهما فرقان في النتيجة قد ذكرناه في شرح ما لا يعول عليه في الطريق فإن نتيجة الوجد الصحيح مجهولة و نتيجة الوجد الخيالي إذا حكم مقيدة معلومة يعلمها صاحبها إن كان من أهل هذا الشأن فإنه ما ينتج له إلا ما يناسب خياله في الوجد و هو معلوم و الوجد الصحيح مصادفة من حيث لا يشعر صاحبه فلا يدري بما يأتيه به و قد ذكرنا في التواجد ما فيه غنية وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس و الثلاثون و مائتان في الوجد»



إذا أفناك عنك ورود أمر فذاك الوجد ليس به خفاء
له حكم و ليس عليه حكم نعم و له التلذذ و الفناء
و ذا من أعجب الأشياء فيه فإن مزاجه عسل و ماء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 536
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست