responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 537

[أن الوجد عبارة عما يصادف القلب من الأحوال المفنية له عن شهوده]

اعلم أن الوجد عند الطائفة عبارة عما يصادف القلب من الأحوال المفنية له عن شهوده و شهود الحاضرين و قد يكون الوجد عندهم عبارة عن ثمرة الحزن في القلب قال الأستاذ و بالجملة فهو حسن الوجد حال و الأحوال مواهب لا مكاسب و لهذا كان وجد المتواجد إذا أورثه التواجد الوجد لانفعال نفسه لما يجتلبه مكتسبا و الحال لا يكتسب عند القوم فلذلك لا يعول على وجد المتواجد فنظير الوجد في الأحوال عند القوم كمجيء الوحي إلى الأنبياء يفجئوهم ابتداء كما

ورد في الحديث أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لم يزل يتحنث في غار حرا حتى فجأه الوحي و لم يكن ذلك مقصودا له فكذلك أهل الوجد إنما هم في سماع من الحق في كل ناطق في الوجود و ما في الكون إلا ناطق فهم متفرغون للفهم عن اللّٰه في نطق الكون و سواء كان ذلك في نغم أو غير نغم و بصوت أو غير صوت فيفجؤهم أمر إلهي و هم بهذه المثابة فيفنيهم عن شهودهم أنفسهم و عن شهودهم أنهم أهل وجد و عن شهود كل محسوس فإذا حصل لهم ذلك فذلك هو الوجد عند القوم و لا بد لصاحبه من فائدة يأتي بها فإن جاء بغير فائدة و لا مزيد علم فذلك نوم القلب من حيث لا يشعر فإن الذي يأتيه في تلك الفجاة إنما يأتيه من اللّٰه ليفيده علما بما ليس عنده مما تشرف به نفسه و تكمل و تربى على غيرها من النفوس فإنه لا يرد الأعلى نفس طاهرة زكية هذا حكمه في هذا الطريق و أما الوجد العام فهو ما ذكرناه في حده في أول الباب فلا يشترط فيه طهارة و لا غيرها إلا في هذا الطريق و لما كان يظهر في العموم مع عدم الطهارة لهذا لا يكون الوجد شاهد صدق إلا على نفسه إنه وجد خاصة لا أنه وجد في اللّٰه و لهذا يلتبس على الأجانب فلا يفرقون بين أهل اللّٰه فيه و بين المتصورين بصورة أهل اللّٰه و إن كانوا ليسوا منهم فالحال الحال و لهذا أهل اللّٰه في السماع المقيد بالنغم من شرطهم أن يكونوا على قلب واحد و أن لا يكون فيهم من ليس من جنسهم فلا يحضرون إلا مع الأمثال أو مع المؤمنين بأحوالهم المعتقدين فيهم و مستنده الإلهي كون الحق نعت نفسه بأن قاتل نفسه بادره بنفسه و إن كان ما بادره إلا به و لكن هكذا ورد في النعوت الإلهية فنقره و لا بد فإنه أراد اللّٰه بذلك المحل أمرا ما فيما كلفه به فجاء ذلك الأمر الإلهي الشرعي لمجيء زمانه و وقته فصادف المحل على غير ما تعطيه حقيقة ذلك الوارد بالوارد الذي فجأه الحاكم على المحل مع علمنا أنه ما نفذ فيه إلا علم اللّٰه فيه و لكن تعمير المراتب أدى إلى اختلاف المذاهب فصار الحق هنا صاحب وجد و موجدة على من قتل نفسه مبادرا كما جاء عنه في غضبه على من غضب عليه ففني المقام الإلهي هنا عن شهود نفسه بأنه غني عن العالمين إذ المقامات تتجاور و لا تتداخل فكل مقام له حكم و قد بين اللّٰه لعباده في أخباره الصادقة في كتبه و على ألسنة رسله ما هو عليه بما ينسب إليه فمن الآداب أن تنسب إليه ما نسبه إلى نفسه و إن ردته الأدلة العقلية فإن بالدليل العقلي أيضا قد علمنا إن بعض الكون لا يعرفه على حد ما يعرف نفسه فهو المجهول المعروف لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فإن قلت فالمصادفة تقضي بعدم العلم بما صادف فأين مستنده الإلهي فنقول في قوله وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ مع علمه بما يكون منهم فبتلك النسبة تجري هنا و قد وردت و الوجد يفنى كما يفنى الفناء و الغيبة و لا بد لصاحب هذه الأحوال ممن يحضرون معه و يتصفون بالبقاء معه و الشهود له و إن لم يكونوا بهذه المثابة فما هو المطلوب بهذه الألفاظ و اختلفوا في الوجد هل يملك أم لا يملك فذكر القشيري عن بعضهم أنه كان يملك وجده و كان إذا ورد عليه و عنده من يحتشمه و يلزم الأدب معه أمسك وجده فإذا خلا بنفسه أرسل وجده و جعل ذلك كرامة له أنتجها احترام من يجب احترامه و عندنا إن الوجد لا يملك و ذلك الذي أرسله ما هو عين ما ورد عليه مع حضور من احترمه فإن المعدوم ما له عين يملكها المحدث فلما خلا ذلك الرجل ظهر حكم الوجد فيه في ذلك الوقت فتخيل أنه مالك لوجده كما يملك القاعد قيامه أي بما هو مستعد للقيام لا إن القيام وجد فيه فلم يقم فاعلم ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السابع و الثلاثون و مائتان في الوجود»



وجود الحق عين وجود وجدي فإني بالوجود فنيت عنه
و حكم الوجد أفنى الكل عني و لا يدرى لعين الوجد كنه
و وجدان الوجود بكل وجه بحال أو بلا حال فمنه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 537
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست