responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 411

بالخطاب و المراد به هم فأسمعهم في غيرهم و أما فائدة العلم في ذلك فهي إن تقول لما علم اللّٰه أن قوما لا يؤمنون ارتفعت الفائدة في خطابهم و كان خطابهم عبثا فأخبرهم اللّٰه تعالى أن نزول الخطاب بالدعوة لمن ليس يقبله في علم اللّٰه أنه إنما أنزل بعلم اللّٰه أي سبق في علم اللّٰه إنزاله فلا بد من إنزاله لأن تبدل المعلوم محال كما قال مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ لأنه سبق في علم اللّٰه أن تكون خمس صلوات في العمل و خمسون في الأجر فما زال يحط من الخمسين بعلم اللّٰه إلى أن انتهى إلى علم اللّٰه بإثبات الخمس فنع النقص من ذلك و قال مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ و هكذا يكون اللّٰه علمه في الأشياء سابق لا يحدث له علم بل يحدث التعلق لا العلم و لو حدث العلم لم تقع الثقة بوعده لأنا لا ندري ما يحدث له فإن قلت فهذا أيضا يلزم في الوعيد قلنا كذا كنا نقول و لكن علمنا أنه ما أرسل رسولا إلا بلسان قومه و بما تواطئوا عليه من كل ما هو محمود فيعاملهم بذلك في شرعهم كذا سبق علمه وَ هٰذٰا لِسٰانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ و مما يتمدح به أهل هذا اللسان بل هو مدح في كل أمة التجاوز عن إنفاذ الوعيد في حق المسيء و العفو عنه و الوفاء بالوعد الذي هو في الخير و هو الذي يقول فيه شاعر العرب

و إني إذا أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادى و منجز موعدي
فكان إنزال الوعيد بعلم اللّٰه الذي سبق بإنزاله و لم يكن في حق قوم إنفاذه في علم اللّٰه و لو كان في علم اللّٰه لنفذ فيهم كما ينفذ الوعد الذي هو في الخير لأن الإيعاد لا يكون إلا في الشر و الوعد يكون في الخير و في الشر معا يقال أوعدته في الشر و وعدته في الشر و الخير و قال تعالى وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فمما بين لهم تعالى التجاوز عن السيئات في حق من أساء من عباده و الأخذ بالسيئة من شاء من عباده و لم يفعل ذلك في الوعد بالخير فأعلمنا ما في علمه فكما هو واحد في ألوهيته هو واحد في أمره فما أنزل إلا بعلم اللّٰه سواء نفذ أو لم ينفذ

(التوحيد الرابع عشر)

من نفس الرحمن و هو قوله وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ مَتٰابِ هذا توحيد الرجعة و هو توحيد الهوية أخبر أنهم يكفرون بالرحمن لأنهم جعلوا هذا الاسم إذ لم يكن عندهم و لا سمعوا به قبل هذا فلما قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمٰنِ قٰالُوا وَ مَا الرَّحْمٰنُ ... وَ زٰادَهُمْ هذا الاسم نُفُوراً فإنهم لا يعرفون إلا اللّٰه الذين يعبدون الشركاء ليقربوهم إلى اللّٰه زلفى : و لما قيل لهم اعبدوا اللّٰه لم يقولوا و ما اللّٰه و إنما أنكروا توحيده و قد نقل إنهم كانوا يعرفونه مركبا الرحمن الرحيم اسم واحد كبعلبك و رام‌هرمز فلما أفرده و بغير نسب أنكروه فإنه يقال في النسب بعلي فقال لهم الداعي الرحمن هو ربي و لم يقل هو اللّٰه و هم لا ينكرون الرب و لما كان الرحمن له النفس و بالنفس حياتهم فسره بالرب لأنه المغذي و بالغذاء حياتهم فلا يفرقون من الرب و يفرقون من اللّٰه و لهذا عبدوا الشركاء ليشفعوا لهم عند اللّٰه إذ بيده الاقتدار الإلهي و الأخذ الشديد و هو الكبير عندهم المتعالي فهم معترفون مقرون به فتلطف لهم بالعبارة بالاسم الرب ليرجعوا فهو أقرب مناسبة بالرحمن قال لموسى و هارون فَقُولاٰ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشىٰ و الترجي من اللّٰه واقع كما قالوا في عسى فإنهما كلمتا ترج و لم يقل لهما لعله يتذكر أو يخشى في ذلك المجلس و لا بد و لا خلصه للاستقبال الأخراوي فإن الكل يخشونه في ذلك الموطن فجاء بفعل الحال الذي يدخله الاحتمال بين حال الدنيا و بين استقبال التأخير للدار الآخرة و ذلك لا يكون مخلصا للمستقبل إلا بالسين أو سوف فالذي ترجى من فرعون وقع لأن ترجيه تعالى واقع فآمن فرعون و تذكر و خشي كما أخبر اللّٰه و أثر فيه لين قول موسى و هارون و وقع الترجي الإلهي كما أخبر فهذا يدلك على قبول إيمانه لأنه لم ينص إلا على ترجى التذكر و الخشية لا على الزمان إلا أنه في زمان الدعوة و وقع ذلك في زمان الدعوة و هو الحياة الدنيا و أمر نبيه أن يقول بحيث يسمعون قُلْ هُوَ رَبِّي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في أمركم وَ إِلَيْهِ مَتٰابِ أي مرجعي في أمركم عسى يهديكم إلى الايمان فما أغلظ لهم بل هذا أيضا من القول اللين لتتوفر الدواعي من المخاطبين للنظر فيما خاطبهم به إذ لو خاطبهم بصفة القهر و هو غيب لا عين له في الوقت إلا مجرد إغلاظ القول لنفرت طباعهم و أخذتهم حمية الجاهلية لمن نصبوهم آلهة فأبقى عليهم و هو قوله تعالى وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ و لم يقل للمؤمنين و كان سبب نزولها أن دعا على رعل و ذكوان و عصية شهرا كاملا في كل صلاة بأن يأخذهم اللّٰه فعتبه اللّٰه في ذلك و فيه تنبيه على رحمة اللّٰه بعباده لأنهم على كل حال عباده معترفون به معتقدون لكبريائه طالبون القربة إليه لكنهم جهلوا طريق القربة و لم يوفوا النظر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست