responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 412

حقه و لا قامت لهم شبهة قوية في صورة برهان فكانوا يدخلون بها في مفهوم قوله وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ و يريد بالبرهان هنا في زعم الناظر فإنه من المحال أن يكون ثم دليل في نفس الأمر على إله آخر و لم يبق إلا أن تظهر الشبهة بصورة البرهان فيعتقد أنها برهان و ليس في قوته أكثر من هذا

(التوحيد الخامس عشر)

من نفس الرحمن هو قوله يُنَزِّلُ الْمَلاٰئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاتَّقُونِ هذا توحيد الإنذار و هو توحيد الإنابة استوى في هذا التنزل في التوحيد رسل البشر و المرسلون إليهم فإن الملائكة هي التي نزلت بالإنذار من أجل أمر اللّٰه لهم بذلك و الروح هنا ما نزلوا به من الإنذار ليحيى بقبوله من قبله من عباده كما تحيي الأجسام بالأرواح فحييت بهذا الروح المنزل رسل البشر فأنذروا به فهذا توحيد عظيم نزل من جبار عظيم بتخويف و تهديد مع لطف خفي في قوله فَاتَّقُونِ أي فاجعلوني وقاية تدفعون بي ما أنذرتكم به هذا لطفه ليس معناه فخافوني لأنه ليس لله وعيد و بطش مطلق شديد ليس فيه شيء من الرحمة و اللطف و لهذا قال أبو يزيد و قد سمع قارئا يقرأ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ فقال بطشي أشد فإن بطش المخلوق إذا بطش لا يكون في بطشه شيء من الرحمة بل ربما ما يقدر أن يبلغ في المبطوش به ما في نفسه من الانتقام منه لسرعة موت ذلك الشخص و لما كانت الرحمة منزوعة عن بطشه قال بطشي أشد و سبب ذلك ضيق المخلوق فإنه ما له الاتساع الإلهي و بطش اللّٰه و إن كان شديدا ففي بطشه رحمة بالمبطوش به و بطش المخلوق ليستريح من الضيق و الحرج الذي يجده في نفسه بما يوقعه بهذا به المبطوش فيطلب في بطشه الرحمة بنفسه في الوقت و قد لا ينالها كلها بخلاف الحق تعالى فإن بطشه لسبق العلم يأخذ هذا المبطوش به للسبب الموجب له لا غير و المنتقم لغيره ما هو كالمنتقم لنفسه

(التوحيد السادس عشر)

من نفس الرحمن و هو قوله فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ لَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ هذا توحيد الأبدال فإنه أبدل اللّٰه من الرحمن و هذا في المعنى بدل المعرفة من النكرة لأنهم أنكروا الرحمن و في اللفظ بدل المعرفة من المعرفة و هو من توحيد الهوية القائمة بأحكام الأسماء الحسنى لا إن الأسماء الحسنى تقوم معانيها بها بل هي القائمة بمعاني الأسماء كما هُوَ قٰائِمٌ عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ كذلك هو قائم بكل اسم بما يدل عليه و هذا علم غامض و لهذا قال في هذا التوحيد يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ لما قال وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فالأخفى عن صاحب السر هو ما لا يعلمه مما يكون لا بد أن يعلمه خاصة و ما تسمى إلا بأحكام أفعاله من طريق المعنى فكلها أسماء حسني غير أنه منها ما يتلفظ بها و منها ما يعلم و لا يتلفظ بها لما هو عليه حكمها في العرف من إطلاق الذم عليها فإنه يقول فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا و قدم الفجور على التقوى عناية بنا إلى الخاتمة و الغاية للخير فلو أخر الفجور على التقوى لكان من أصعب ما يمر علينا سماعه فالفجور يعرض للبلاء و التقوى محصل للرحمة و قد تأخر التقوى فلا يكون إلا خيرا و قال تعالى اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و لا يشتق له منه اسم لما ذكرناه فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ في العرف و حسن غيرها مبطون مجهول في العرف إلا عند العارفين بالله و يندرج في هذا العلم بسبب الألف و اللام التي هي للشمول جميع ما ينطلق عليه اسم السر و ما هو أخفى من ذلك السر و من السر النكاح قال تعالى وَ لٰكِنْ لاٰ تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا أي نكاحا فإن اللّٰه أيضا يعلمه و إن كانت الآية تدل بظاهرها على ما يحدث المرء به نفسه لقوله وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فإنه يعلم ذلك و يعلم ما تحدث به نفسك و هو قوله وَ نَعْلَمُ مٰا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ و مع هذا فإن الألف و اللام لها حكم في مطلق اسم السر فيعلم ما ينتجه النكاح و هو قوله تعالى وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْأَرْحٰامِ فإنه الخالق ما فيها أَ لاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ لعلمه بالسر اَلْخَبِيرُ لعلمه بما هو أخفى و من هذه الحضرة نصب الأدلة على معرفته و جعل في نفوس العلماء تركيب المقدمات على الوجه الخاص و الشرط الخاص فأشبهت المقدمات النكاح من الزوجين بالوقاع ليكون منه الإنتاج فالوجه الخاص الرابط بين المقدمتين و هو أن واحدا من المقدمتين يتكرر فيهما ليربط بعضهما ببعض من أجل الإنتاج و الشرط الخاص أن يكون الحكم أعم من العلة أو مساويا لها حتى يدخل هذا المطلوب تحت الحكم و لو كان الحكم أخص لم ينتج و خرج عنه كقولهم كل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث فالحادث هنا هو الحكم و المقدمة الأخرى و الأجسام لا تخلو عن الحوادث فالحوادث هو الوجه الخاص الجامع بين المقدمتين فانتج إن الجسم حادث و لا بد فالحكم أعم لأن العلة الحوادث القائمة به و الحكم كونه حادثا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست