responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 370

الهواء و المؤمن عند اللّٰه أفضل من الطير فكيف يحسب كرامة من شاركه فيها طائر و هكذا علل جميع ما ذكرناه ثم قال إلهي إن قوما طلبوك لما ذكروه فشغلتهم به و أهلتهم له اللهم مهما أهلتني لشيء فأهلني لشيء من أشيائك يقول من أسرارك فما طلب إلا العلم لأنه أسنى تحفة و أعظم كرامة و لو قامت عليك به الحجة فإنه يجعلك تعترف و لا تحاج فإنك تعلم ما لك و ما عليك و ما له و ما أمر اللّٰه تعالى نبيه ص أن يطلب منه الزيادة من شيء إلا من العلم لأن الخير كله فيه و هو الكرامة العظمى و البطالة مع العلم أحسن من الجهل مع العمل و أسباب حصول العلم كثيرة و لا أعني بالعلم إلا العلم بالله و الدار الآخرة و ما تستحقه الدار الدنيا و ما خلقت له و لأي شيء وضعت حتى يكون الإنسان من أمره على بصيرة حيث كان فلا يجهل من نفسه و لا من حركاته شيئا و العلم صفة إحاطية إلهية فهي أفضل ما في فضل اللّٰه كما قال وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً بِرَحْمَةٍ مِنّٰا

[العلم من معدن الرحمة]

فاعلم أن العلم من معدن الرحمة فقد أعلمتك ما هي الكرامة و إنها التعريف الإلهي بأن هذا الذي أتحفك به كرامة منه لا ينقص لك حظا من آخرتك و لا هو جزاء لشيء من عملك إلا لمجرد قدومك و إن قدومك عليه لم يكن إلا لجهلك به حيث لم تره في أول قدم كما اتفق لأبي يزيد لما خرج في طلب الحق من بسطام في أول أمره فلقيه بعض الرجال فقال له ما تطلب يا أبا يزيد قال اللّٰه قال له الذي تطلبه تركته ببسطام فتنبه أبو يزيد كيف يطلبه و هو تعالى يقول وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ فلا علم و لا إيمان فإذا حرمك اللّٰه تحصيل علم مشاهدته فلا أقل من الايمان به فلهذا قلنا ما قدم عليه إلا من جهله فلما لم يكن لهذه الطائفة هم إلا به و يطلبه كانوا وافدين عليه فأتحفهم بما أتحفهم به و عرفهم إن ذلك جائزة الوفود خاصة و مهما لم يعلموا ذلك منه بإعلامه إياهم و إلا فيخاف من المكر الإلهي في ذلك أو نقص حظ أخروي يتمنون في الآخرة أنهم لم يعطوا شيئا من ذلك في الدنيا

(الباب الخامس و الثمانون و مائة في معرفة مقام ترك الكرامات)



ترك الكرامة لا يكون دليلا فاصخ لقولي فهو أقوم قيلا
إن الكرامة قد يكون وجودها حظ المكرم ثم ساء سبيلا
فاحرص على العلم الذي كلفته لا تتخذ غير الإله بديلا
ستر الكرامة واجب متحقق عند الرجال فلا تكن مخذولا
و ظهورها في المرسلين فريضة و بها تنزل وحيه تنزيلا

[يجب على الولى ستر الكرامة]

كما إن الآيات و الكرامات واجب على الرسول إظهارها من أجل دعواه كذلك يجب على الولي التابع سترها هذا مذهب الجماعة لأنه غير مدع و لا ينبغي له الدعوى فإنه ليس بمشرع و ميزان الشرع موضوع في العالم قد قام به علماء الرسوم أهل الفتاوى في دين اللّٰه فهم أرباب التجريح و التعديل و هذا الولي مهما خرج عن ميزان الشرع الموضوع مع وجود عقل التكليف عنده سلم له حاله للاحتمال الذي في نفس الرحمن في حقه و هو أيضا موجود في الميزان المشروع فإن ظهر بأمر يوجب حدا في ظاهر الشرع ثابت عند الحاكم أقيمت عليه الحدود و لا بد و لا يعصمه ذلك الاحتمال الذي في نفس الأمر من أن يكون من العبيد الذين أبيح لهم فعل ما حرم على غيرهم شرعا فأسقط اللّٰه عنهم المؤاخذة و لكن في الدار الآخرة فإنه قال في أهل بدر ما قد ثبت من إباحة الأفعال لهم و كذلك

في الخبر الوارد افعل ما شئت فقد غفرت لك و لم يقل أسقطت عنك الحد في الدنيا فالذي يقيم عليه الحد مأجور و هو في نفسه غير مأثوم كالحلاج و من جرى مجراه

[إن ترك الكرامة قد يكون ابتداء من اللّٰه]

ثم إن ترك الكرامة قد يكون ابتداء من اللّٰه و هو أنه عز و جل لا يمكن هذا الولي في نفسه من شيء من ذلك جملة واحدة مع كونه عنده من أكابر عباده و أعني خرق العوائد الظاهرة لا العلم بالله و قد يكون هذا الولي أعطاه اللّٰه تعالى في نفسه التمكن من ذلك فيترك ذلك كله لله فلا يظهر عليه منه شيء أصلا و قد رأينا ممن هو على هذا القدم جماعة كما قال سيدنا أبو السعود بن الشبل عاقل زمانه و قد سأله بعض من لا يكتمه من حاله شيئا هل أعطاك اللّٰه التصرف و هو أصل الكرامات فقال نعم منذ خمس عشرة سنة و تركناه تظرفا فالحق بتصرف لنا يريد رضي اللّٰه عنه أنه امتثل أمر اللّٰه في اتخاذه عز و جل وكيلا فقال له السائل ما ثم فقال الصلوات الخمس و انتظار الموت الرجل مثل ساعي الطير فم مشغول و قدم تسعى و كان يقول

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست