responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 369

و لا على ما يجد فيه من الرقة في الجناب الإلهي فإنه معلول و تلك رقة الطبيعة فإن كان عارفا بالتفصيل و يفرق بين سماعه الإلهي و الروحاني و الطبيعي ما يلتبس عليه و لا يخلط و لا يقول في سماع الطبيعة إنه سماعه بالله فمثل هذا لا يحجر عليه و تركه أولى و لا سيما إن كان ممن يقتدى به من المشايخ فيستتر به المدعي الكاذب أو الجاهل بحاله و إن لم يقصد الكذب

(الباب الرابع و الثمانون و مائة في معرفة مقام الكرامات)



بعض الرجال يرى كون الكرامات دليل حق على نيل المقامات
و أنها عين بشرى قد أتتك بها رسل المهيمن من فوق السموات
و عندنا فيه تفصيل إذا علمت به الجماعة لم تفرح بآيات
كيف السرور الاستدراج يصحبها في حق قوم ذوي جهل و آفات
و ليس يدرون حقا أنهم جهلوا و ذا إذا كان من أقوى الجهالات
و ما الكرامة إلا عصمة وجدت في حال قول و أفعال و نيات
تلك الكرامة لا تبغي بها بدلا و احذر من المكر في طي الكرامات

[إن الكرامة من الحق من اسمه البر و هو على قسمين]

اعلم أيدك اللّٰه أن الكرامة من الحق من اسمه البر و لا تكون إلا للأبرار من عباده جَزٰاءً وِفٰاقاً فإن المناسبة تطلبها و إن لم يقم طلب ممن ظهرت عليه و هي على قسمين حسية و معنوية

[أما الكرامة الحسية]

فالعامة ما تعرف الكرامة إلا الحسية مثل الكلام على الخاطر و الأخبار بالمغيبات الماضية و الكائنة و الآتية و الأخذ من الكون و المشي على الماء و اختراق الهواء و طي الأرض و الاحتجاب عن الأبصار و إجابة الدعاء في الحال فالعامة لا تعرف الكرامات إلا مثل هذا

[أما الكرامة المعنوية]

و أما الكرامة المعنوية فلا يعرفها إلا الخواص من عباد اللّٰه و العامة لا تعرف ذلك و هي أن تحفظ عليه آداب الشريعة و أن يوفق لإتيان مكارم الأخلاق و اجتناب سفسافها و المحافظة على أداء الواجبات مطلقا في أوقاتها و المسارعة إلى الخيرات و إزالة الغل و الحقد من صدره للناس و الحسد و سوء الظن و طهارة القلب من كل صفة مذمومة و تحليته بالمراقبة مع الأنفاس و مراعاة حقوق اللّٰه في نفسه و في الأشياء و تفقد آثار ربه في قلبه و مراعاة أنفاسه في خروجها و دخولها فيتلقاها بالأدب إذا وردت عليه و يخرجها و عليها خلعة الحضور فهذه كلها عندنا كرامات الأولياء المعنوية التي لا يدخلها مكر و لا استدراج بل هي دليل على الوفاء بالعهود و صحة القصد و الرضي بالقضاء في عدم المطلوب و وجود المكروه و لا يشاركك في هذه الكرامات إلا الملائكة المقربون و أهل اللّٰه المصطفون الأخيار و أما الكرامات التي ذكرنا أن العامة تعرفها فكلها يمكن أن يدخلها المكر الخفي

[أن الكرامة لا بد أن تكون نتيجة عن استقامة]

ثم إنا إذا فرضناها كرامة فلا بد أن تكون نتيجة عن استقامة أو تنتج استقامة لا بد من ذلك و إلا فليست بكرامة و إذا كانت الكرامة نتيجة استقامة فقد يمكن أن يجعلها اللّٰه حظ عملك و جزاء فعلك فإذا قدمت عليه يمكن أن يحاسبك بها و ما ذكرناه من الكرامات المعنوية فلا يدخلها شيء مما ذكرناه فإن العلم يصحبها و قوة العلم و شرفه تعطيك أن المكر لا يدخلها فإن الحدود الشرعية لا تنصب حبالة للمكر الإلهي فإنها عين الطريق الواضحة إلى نيل السعادة و العلم يعصمك من العجب بعملك فإن العلم من شرفه أنه يستعملك و إذا استعملك جردك منه و أضاف ذلك إلى اللّٰه و أعلمك أن بتوفيقه و هدايته ظهر منك ما ظهر من طاعته و الحفظ لحدوده فإذا ظهر عليه شيء من كرامات العامة ضج إلى اللّٰه منها و سأل اللّٰه ستره بالعوائد و أن لا يتميز عن العامة بأمر يشار إليه فيه ما عدا العلم لأن العلم هو المطلوب و به تقع المنفعة و لو لم يعمل به فإنه لا يستوي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ فالعلماء هم الآمنون من التلبيس فالكرامة من اللّٰه تعالى بعباده إنما تكون للوافدين عليه من الأكوان و من نفوسهم لكونهم لم يروا وجه الحق فيهما فأسنى ما أكرمهم به من الكرامات العلم خاصة لأن الدنيا موطنه و أما غير ذلك من خرق العادات فليست الدنيا بموطن لها و لا يصح كون ذلك كرامة إلا بتعريف إلهي لا بمجرد خرق العادة و إذا لم تصح إلا بتعريف إلهي فذلك هو العلم فالكرامة الإلهية إنما هي ما يهبهم من العلم به عز و جل سئل أبو يزيد عن طي الأرض فقال ليس بشيء فإن إبليس يقطع من المشرق إلى المغرب في لحظة واحدة و ما هو عند اللّٰه بمكان و سئل عن اختراق الهواء فقال إن الطير يخترق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 369
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست