responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 345

و كل جسم فمركب من ثمانية و هو صورة كمال ظهرت عن ذات و سبع صفات فغاية التركيب الجسم و ليس وراءه مرتبة و قد قام على ثمانية بلا خلاف بين الجميع و ما زاد على هذا فهو أجسم أي أكثر سطوحا و إذا كان أكثر سطوحا كان أكثر خطوطا و إذا كان أكثر خطوطا كان أكثر نقطا فلم يزد على ما تركب منه الجسم الذي هو أول الأجسام مادة غير ما قبله الأول أو كان به الجسم الأول فمن تراص في صفة كان خلاقا قال تعالى فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ فأثبت لهم هذا الوصف و جعل نفسه أحسن لا وليته في ذلك إذ لولاه ما ظهرت أعيان هؤلاء الخالقين فأثبت ما أثبت اللّٰه و لا تزله فتحرم فائدة العلم بموافقة الحق فتكون من المخالفين فتكون من الجاهلين فمن كان بهذه الصفة كان محبوبا لله تعالى و من كان محبوبا لم يدر أحد ما يعطيه محبه إذ لنفسه يعطي و قد تعرضت هنا مسألة يحب بيانها و هي أن اللّٰه أحب أولياءه و المحب لا يؤلم محبوبه و ليس أحد بأشد ألما في الدنيا و لا بلاء من أولياء اللّٰه رسلهم و أنبيائهم و أتباعهم المحفوظين المعانين على أتباعهم فمن أي حقيقة استحقوا هذا البلاء مع كونهم محبوبين فلنقل إن اللّٰه قال يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ و البلاء أن لا يكون أبدا إلا مع الدعوى فمن لم يدع أمرا ما لا يبتلى بإقامة الدليل على صدق دعواه فلو لا الدعوى ما وقع البلاء غير أن الرسول ما يطالب بالدليل فإنه ما ادعى و لهذا يقال ليس على النافي إقامة دليل و ليس الأمر كذلك بل عليه الدليل إذا ادعى النفي فإن ادعى النفي في أمر ما فذلك ثبوت عين الدعوى فيطالب النافي من حيث دعواه على إقامة لدليل لأنه مثبت و لما أحب اللّٰه من أحب من عباده رزقهم محبته من حيث لا يعلمون فوجدوا في نفوسهم حبا لله فادعوا أنهم من محبي اللّٰه فابتلاهم اللّٰه من كونهم محبين و أنعم عليهم من كونهم محبوبين فإنعامه دليل على محبته فيهم فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ و ابتلاؤه إياهم لما ادعوه من حبهم إياه فلهذا ابتلى اللّٰه أحبابه من المخلوقين وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

[إن اللّٰه يحب الجمال]

و من ذلك حب الجمال هو نعت إلهي

ثبت في الصحيح أن رسول اللّٰه ص قال إن اللّٰه جميل يحب الجمال فنبهنا بقوله جميل أن نحبه فانقسمنا في ذلك على قسمين فمنا من نظر إلى جمال الكمال و هو جمال الحكمة فأحبه في كل شيء لأن كل شيء محكم و هو صنعة حكيم و منا من لم تبلغ مرتبته هذا و ما عنده علم بالجمال إلا هذا الجمال المقيد الموقوف على الغرض و هو في الشرع موضع

قوله اعبد اللّٰه كأنك تراه فجاء بكاف الصفة فتخيل هذا الذي لم يصل إلى فهمه أكثر من هذا الجمال المقيد فقيده به كما قيده بالقبلة فأحبه لجماله و لا حرج عليه في ذلك فإنه أتى بأمر مشروع له على قدر وسعه و لاٰ يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا و بقي علينا حبه تعالى للجمال

[إن اللّٰه يحب الجمال]

فاعلم إن العالم خلقه اللّٰه في غاية الإحكام و الإتقان كما قال الإمام أبو حامد الغزالي من أنه لم يبق في الإمكان أبدع من هذا العالم فأخبر أنه تعالى خلق آدم على صورته و الإنسان مجموع العالم و لم يكن علمه بالعالم تعالى إلا علمه بنفسه إذ لم يكن في الوجود إلا هو فلا بد أن يكون على صورته فلما أظهره في عينه كان مجلاه فما رأى فيه إلا جماله فأحب الجمال فالعالم جمال اللّٰه فهو الجميل المحب للجمال فمن أحب العالم بهذا النظر فقد أحبه بحب اللّٰه و ما أحب إلا جمال اللّٰه فإن جمال الصنعة لا يضاف إليها و إنما يضاف إلى صانعه فجمال العالم جمال اللّٰه و صورة جماله دقيق أعني جمال الأشياء و ذلك أن الصورتين في العالم و هما مثلا شخصان ممن يحبهما الطبع و هما جاريتان أو غلامان قد اشتركا في حقيقة الإنسانية فهما مثلان و كمال الصورة التي هي أصول من كمال الأعضاء و الجوارح و سلامة المجموع و الآحاد من العاهات و الآفات و يتصف أحدهما بالجمال فيحبه كل من رآه و يتصف الآخر بالقبح فيكرهه كل من رآه فما هو الجمال الذي انطلق عليه اسم الجمال حتى أحبه كل من رآه فقد وكلناك في علم ذلك إلى نفسك و نظرك فهذا إذا وقع حب الشخص من مجرد الرؤية خاصة لا بعد الصحبة و المعاشرة فدبروا نظر تعثر إن شاء اللّٰه على عين الأمر في وصف الحق نفسه بأنه جميل و بحبه للجمال مع خلقه المكروه و المضار و ما لا يلائم الطباع و لا يوافق الأغراض فهذا قد ذكرنا طرفا من الصفات التي يحب اللّٰه من اتصف بها و هي كثيرة جدا فقد نبهناك بما ذكرناه على مأخذها و كيف يتصرف الإنسان فيها فلنذكر طرفا من نعوت الحب الذي ينبغي أن يكون المحب عليها إن شاء اللّٰه و بها يسمى محبا فهي كالحدود للحب فمن ذلك أنه موصوف بأنه مقتول تألف سائر إليه بأسمائه طيار دائم السهر كامن الغم راغب في الخروج من الدنيا لي لقاء محبوبه متبرم بصحبة ما يحول بينه و بين لقاء محبوبه كثير التأوه يستريح إلى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست