responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 344

وصفه نفسه بأنه كاره لذلك فهذا عين كراهة ما يجده المريض في شرب الدواء لأن مرتبة العلم تعطي ذلك فإنه وقوع خلاف المعلوم محال فلا بد من وجوب وجود العالم لما تعطيه الحقائق الإلهية و أين الإمكان من الوجوب فاشحذ فؤادك و اعلم فَإِنَّ اللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ فاردف وصفه نفسه بالشكر وصفه بالعلم فزد في عملك تكن قد جازيت ربك على شكره إياك على ما عملت له و ذلك العمل هو الصوم فإنه له و دفع الأذى عنه و هو

قوله هل واليت في وليا أو عاديت في عدوا و هو

قوله وجبت محبتي للمتحابين في و المتزاورين في و المتجالسين في و المتباذلين في و اللّٰه يجعلنا ممن أنعم عليه فرأى نعمة اللّٰه عليه في كل حال فشكر

[إن اللّٰه يحب المحسنين]

و من ذلك حب المحسنين و هو قوله وَ اللّٰهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ و الإحسان صفته و هو المحسن المجمل فصفته أحب و هي الظاهرة في نفسه و الإحسان الذي به يسمى العبد محسنا هو أن يعبد اللّٰه كأنه يراه أي يعبده على المشاهدة و إحسان اللّٰه هو مقام رؤيته عباده في حركاتهم و تصرفاتهم و هو قوله أَنَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ و هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ فشهوده لكل شيء هو إحسانه فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك فكل حال ينتقل فيه العبد فهو من إحسان اللّٰه إذ هو الذي نقله تعالى و لهذا سمي الإنعام إحسانا فإنه لا ينعم عليك بالقصد إلا من يعلمك و من كان علمه عين رؤيته فهو محسن على الدوام فإنه يراك على الدوام لأنه يعلمك دائما و ليس الإحسان في الشرع إلا هذا و قد قال له فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي فإن لم تحسن فهو المحسن و هذا تعليم النبي ص لجبريل بحضور الصحابة من باب قولهم

إياك أعني
فاسمعي يا جارة
فالمخاطب غير مقصود بذلك العلم فإنه عالم به و المقصود به من حضر من السامعين و بهذا فسره رسول اللّٰه ص فقال في هذا الحديث هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم و من ذلك حب المقاتلين في سبيل اللّٰه بوصف خاص قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ يريد لا يدخله خلل فإن الخلل في الصفوف طرق الشياطين و الطريق واحدة و هي سبيل اللّٰه و إذا قطع هذا الخط الظاهر من النقط و لم يتراص لم يظهر وجود للخط و المقصود وجود الحظ و هذا معنى الرص لوجود سبيل اللّٰه فمن لم يكن له تعمل في ظهور سبيل اللّٰه فليس من أهل اللّٰه و كذلك صفوف المصلين لا تكون في سبيل اللّٰه حتى تتصل و يتراص الناس فيها و حينئذ يظهر سبيل اللّٰه في عينه فمن لم يفعل و أدخل الخلل كان ممن سعى في قطع سبيل اللّٰه و إزالته من الوجود فأراد اللّٰه من عباده في مثل هذا أن يجعلهم من الخالقين و لذلك قال فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ و لا يكون السبيل إلا هكذا كالخط الموجود من النقط المتجاورة التي ليس بين كل نقطتين حيز فارغ لا نقطة فيه و حينئذ تظهر صورة الحظ كذلك الصف لا يظهر فيه سبيل اللّٰه حتى يتراص الناس فيه فهو يطلب الكثرة و هو في جناب اللّٰه تراص أسمائه تبارك و تعالى فيظهر عن تراصها سبيل الخلق فيكون الحي و إلى جانبه العليم و لا يكون بينهما فراغ لاسم آخر و يكون إلى جانبه المريد و يكون إلى جانبه القائل و يكون إلى جانبه القادر و يكون إلى جانبه الحكم و إلى جانبه المقيت و إلى جانبه المقسط و إلى جانبه المدبر و إلى جانبه المفصل و إلى جانبه الرازق و إلى جانبه المحيي فهكذا يكون صف الأسماء الإلهية لإيجاد سبيل الخلق الذي يكون بهذا التراص وجوده فإذا ظهرت هذه السبيل و ليست بزائدة على تراص هذه الأسماء فاتصف الخلق بهذه الأسماء لأنها بتراصها و هو حالها عن طريق الخلق فلا تزال ظاهرة في الخلق لا تعقل إلا هكذا فالعالم حي عالم مريده قائل قادر حكم مقيت مقسط مدبر مفصل هكذا إلى بقية الأسماء الإلهية و هو المعبر عنه في الطريق بالتخلق بالأسماء فتظهر في العبد كما تظهر في إيجاد الطريق المستقيم بتراصها فإن دخلها في الكون خلل زال سبيل اللّٰه و ظهرت سبل الشياطين التي تتخلل خلل الصفوف كما

ورد في الخبر فاجعل بالك لما نبهتك عليه فإذا قام العبد بأسماء الحق مقام الأسماء في إيجاد الخلق و قاتل بهذه الصفة الأعداء الذين هم بمنزلة الشياطين التي تتخلل خلل الصف فبالضرورة ينصرون لأنه لم يبق هناك خلل يدخل منه العدو فأحب اللّٰه من هذه صفتهم و كذا الإنسان وحده هو صف في كل ما هو فيه متحرك فتكون حركاته كلها لله لا يتخللها شيء لغير اللّٰه فلا يقاومه أحد فإن الأعداء أبصارهم إليه محدقة ينظرون في حركاته و أفعاله عسى يجدون خللا يدخلون عليه منه فيقطعون بينه و بين اللّٰه بقطع سبيل اللّٰه و كل فعل خط فإنه مجموع أسماء إلهية و صفات محمودة و الأفعال كثيرة فيكثف الأمر و يعظم و تظهر صور المركبات في العالم إذ كل خطين فما زاد سطح و كل سطحين جسم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست