responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 334

تجلى الروح في صورة طبيعية مشى الحكم عليها كما ذكرناه في الحب الإلهي سواء من حيث قبول تلك الصورة للظاهر و الباطن لا تعدل عن ذلك المجرى فاعلم ذلك فيجمع الروحاني بين الحب الطبيعي و الروحاني و بين الحب لنفسه و لمحبوبه إن كان محبوبه كما قلنا ذا إرادة و يتبين لك بما قررناه أن الناس لا يعرفون ما يحبون و أنه يندرج محبوبهم في موجود ما فيتخيلون أنهم يحبون ذلك الموجود و ليس كذلك فاعلم قدر ما أعلمتك به و اشكر اللّٰه حيث خلصك من الجهل بي و هذا القدر كاف في الغرض المقصود فإن فيه تفاريع كثيرة و غرضنا في هذا الكتاب تحصيل الأصول و الحمد لله

(الوصل الثالث)في الحب الطبيعي

و هو نوعان طبيعي و عنصري و نسينا أن تذكر غاية الحب الروحاني فلنذكره

في الحب الطبيعي

لتعلقه بالصورة الطبيعية فغايته الاتحاد و هو أن تصير ذات المحبوب عين ذات المحب و ذات المحب عين ذات المحبوب و هو الذي تشير إليه الحلولية و لا علم لها بصورة الأمر فاعلم أن الصورة الطبيعية على أي حال كان ظهورها جسما أو جسدا بأي نسبة كانت فإن المحبوب الذي هو المعدوم و إن كان معدوما فإنه ممثل في الخيال فله ضرب من ضروب الوجود المدرك بالبصر الخيالي في الحضرة الخيالية بالعين الذي تليق بها فإذا تعانق الحبيبان و امتص كل واحد منهما ريق صاحبه و تحلل ذلك الريق في ذات كل واحد من الحبيبين و تنفس كل واحد من الصورتين عند التقبيل و العناق فخرج نفس هذا فدخل في جوف هذا و نفس هذا في جوف هذا و ليس الروح الحيواني في الصور الطبيعية سوى ذلك النفس و كل نفس فهو روح كل واحد من المتنفسين و قد حيي به من قبله في حال التنفيس و التقبيل فصار ما كان روحا لزيد هو بعينه يكون روحا لعمرو و قد كان ذلك النفس خرج من محب فتشكل بصورة حب فصحبته لذة المحبة فلما صار روحا في هذا الذي انتقل إليه و صار نفس الآخر روحا في هذا الآخر عبر عن ذلك بالاتحاد في حق كل واحد من الشخصين و صح له أن يقول

أنا من أهوى و من أهوى أنا
و هذا غاية الحب الروحاني في الصور الطبيعية و هو قوله في القصيدة في أول هذا الباب

روحا بروح و جثمانا بجثمان
ثم نرجع إلى الحب الطبيعي فنقول إن الحب الطبيعي هو العام فإن كل ما تقدم من الحب في الموصوفين به قبلوا الصور الطبيعية على ما تعطيه حقائقهم فاتصفوا في حبهم بما تتصف به الصور الطبيعية من الوجد و الشوق و الاشتياق و حب اللقاء بالمحبوب و رؤيته و الاتصال به و قد وردت أخبار كثيرة صحاح في ذلك يجب الايمان بها مثل

قوله من أحب لقاء اللّٰه أحب اللّٰه لقاءه مع كونه ما زال من عينه و لا يصح أن يزول عن عينه فإنه عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ و رقيب و مع هذا فجاء باللقاء في حقه و في حق عبده و

وصف نفسه بالشوق إلى عباده و أنه أشد فرحا و محبة في توبة عبده من الذي ضلت راحلته عليها طعامه و شرابه في أرض دوية ثم يجدها بعد ما يئس من الحياة و أيقن بالموت فكيف يكون فرحه بها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الشخص براحلته مع غناه سبحانه و قدرته و نفوذ إرادته في عباده و لكن انظر في سر قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فتعلم أنه ما تعدى بالأمور استحقاقها و أن مرتبة العلم ما فوقها مرتبة و قد قال مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ لأنه خلاف المعلوم فوقوعه محال فالأمر و إن كان ممكنا بالنظر إليه فليس بممكن بالنظر إلى علم اللّٰه فيه بوقوع أحد الإمكانين و أحدية المشيئة فيه و ما تعلقت المشيئة الإلهية بكونه فلا بد من كونه و ما لا بد من وقوعه لا يتصف بالإمكان بالنظر إلى هذه الحقيقة و لهذا عدل من عدل من الناظرين في هذا الشأن من إطلاق اسم الممكن عليه إلى اسم الواجب الوجود بالغير و هو أولى في التحقيق لأحدية المشيئة و لهذا قال و لو شاء حيث ما قاله و لو حرف امتناع لامتناع فقد سبقت المشيئة بما سبقت كما قال وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنٰا لِعِبٰادِنَا الْمُرْسَلِينَ فكان اسم وجوب الوجود بالغير أكمل في نسبة الأمر من اسم الممكن إذ ما ثم إلا أمر واحد كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ فزال الاحتمال فزال الإمكان فما ثم إلا وجوب مطلق أو وجوب مقيد ثم نرجع و نقول

[أن الحب الطبيعي من ذاته إذا قام بالمحب أن لا يحب المحبوب إلا من النعيم به]

اعلم أن الحب الطبيعي من ذاته إذا قام بالمحب أن لا يحب المحبوب إلا لما له فيه من النعيم به و اللذة فيحبه لنفسه لا لعين المحبوب و قد تبين لك فيما تقدم أن هذه الحقيقة سارية في الحب الإلهي و الروحاني فأما بدء الحب الطبيعي فما هو للانعام و الإحسان فإن الطبع لا يعرف ذلك جملة واحدة و إنما يحب الأشياء لذاته خاصة فيريد الاتصال بها و الدنو منها و هو سار في كل حيوان و هو في الإنسان بما هو حيوان فيحبه الحيوان في نفس الأمر لقوام وجوده

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست