responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 333

فيظهره صورة من خارج يشاهدها فيحصل له مقصوده و نعيمه بها من غير زمان كما تقدم في ذكر وجود العماء فتممنا و قلنا بعد هذا في القصيدة عينها

تعجبت من رحمة اللّٰه بي و من مثل ذا ينبغي تعجبوا
زمان الوداد زمان الوجود زمان الوصال كلوا و اشربوا
فأين الغرام و أين السقام و أين الهيام إلا فأعجبوا
مطهرة الثوب محجوبة فليست إلى أحد تنسب
فإن المحبوب كما قلنا لا بد أن يكون معدوما و في حال عدمه فهو طاهر الثوب في أول ما يوجد لأنه ما اكتسب منه مما يشينه و يدنسه في أول ظهوره و وجوده فالأصل الطهارة و هو

قوله كل مولود يولد على الفطرة و هي الطهارة و قولنا محجوبة هو عدمها الذي قلنا من شهود الوجود و قولنا فليست إلى أحد تنسب لأن المعدوم لا ينسب و لكن المحب يطلبه لنفسه ثم تممنا فقلنا و هو آخر القصيدة

فقد وجب الشكر لله إذ هي البكر لي و أنا الثيب
لأن المحبوب وجد عن عدم فهو بكر و قد كنت أحببت قبل ذلك فإنا ثيب فإذا كان المحبوب الذي هو المعدوم إذا وجد لا يوجد في موجود يتصف بالإرادة لم يتصف هذا المحب بأنه يريده له فيحبه لنفسه بالضرورة كالحب الطبيعي فإذا كان المحبوب لا يوجد إلا في موجود متصف بالإرادة كالحق تعالى أو جارية أو غلام و ما ثم من يتعلق به حب المحب إلا من ذكرناه فحينئذ يصح أن يحب ما يحب هذا الموجود الذي لا يوجد محبوبه إلا فيه فإن اتفق أن يكون ذلك لا يريد ما أحب هذا المحب بقي المحب على أصله في محبته محبوبه لأن محبوبه ما له إرادة كما قلنا فلا يلزم من هذا أن يحب ما أحب هذا الموجود الذي لا يحب ما يحبه هذا المحب إذ كان ذلك الموجود ما هو عين المحبوب و إنما هو محل لوجود ذلك المحبوب و ليس في قوة المحب إيجاد ذلك المحبوب في هذا الموجود إلا إن أمكنه من نفسه و أما إن كان المحبوب ممن لا يكون وجوده في موجود فلا يتمكن له إيجاد المحبوب البتة إلا أن تقوم من الحق به عناية فيعطيه التكوين كعيسى ع و من شاء اللّٰه من عباده فإذا أعطى هذا فبالضرورة يحمله الحب على إيجاد محبوبه و هذه مسألة لا تجدها محققة على ما ذكرناه فيها في غير هذا الكتاب لأني ما رأيت أحدا حقق فيها ما ذكرناه و إن كان المحبون كثيرين بل كل من في الوجود محب و لكن لا يعرف متعلق حبه و ينحجبون بالموجود الذي يوجد محبوبه فيه فيتخيلون أن ذلك الموجود محبوبهم و هو على الحقيقة بحكم التبعية فعلى الحقيقة لا يحب أحد محبوبا لنفس المحبوب و إنما يحبه لنفسه هذا هو التحقيق فإن المعدوم لا يتصف بالإرادة فيحبه المحب له و يترك إرادته لإرادة محبوبه و لما لم يكن الأمر في نفسه على هذا لم يبق إلا أن يحبه لنفسه فافهم فهذا هو الحب الروحاني المجرد عن الصورة الطبيعية فإن تلبس بها و ظهر فيها كما قلنا في الحب الإلهي و هو في الروحاني أقرب نسبة لأنه على كل حال صورة من صور العالم و إن كان فوق الطبيعة

[إذا قبل الروح الصورة الطبيعية]

فاعلم أنه إذا قبل الروح الصورة الطبيعية في الأجساد المتخيلة لا في الأجسام المحسوسة التي جرت العادة بإدراكها فإن الأجساد المتخيلة أيضا معتادة الإدراك لكن ما كل من يشهدها يفرق بينها و بين الأجسام الحقيقية عندهم و لهذا

لم يعرف الصحابة جبريل حين نزل في صورة أعرابي و ما علمت أن ذلك جسد متخيل حتى عرفهم النبي ص لما قال لهم هذا جبريل و لم يقم بنفسهم شك أنه عربي و كذلك مريم حين تمثل لها الملك بَشَراً سَوِيًّا لأنه ما كانت عندها علامة في الأرواح إذا تجسدت و كذا يظهر الحق لعباده يوم القيامة فيتعوذون منه لعدم معرفتهم به فكان الحكم في الجناب الإلهي و الروحاني في الصور سواء في حق المتجلي له من الجهل به فلا بد لمن اعتنى اللّٰه به من علامة بها يعرف تجلى الحق من تجلى الملك من تجلى الجان من تجلى البشر إذا أعطوا قوة الظهور في الصور كقضيب البان و أمثاله فإذا كان البشر بهذه النشأة الترابية العنصرية له قوة التحول في الصور في عين الرائي و هو على صورته فهذا التحول في الأرواح أقرب فاعلم من ترى و بما ذا ترى و ما هو الأمر عليه و قد بينا ذلك في باب المعرفة في علم الخيال فانظره هناك فإذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست