responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 318

بما يرضى الخصمين فيحكم لكل واحد لا عليه مع تناقض الأمر يميل إلى غير طريقه في طريقه لحكمة الوقت يغلب ذكر النفس على ذكر الملإ من أجل المفاضلة غيرة أن يفاضل الحق فإنه ذاكر بحق في حق الأمور كلها عنده ذوقية لا خبرية يعرف ربه من نفسه كما علم الحق العالم من علمه بنفسه لا يؤاخذ بالجريمة فإن الجريمة استحقاق و المجرم المستحق عظمته في ذلته و صغاره لا ينتقل عن ذلته في موطن عظمته دنيا و آخرة هو في علمه بحسب علمه إن اقتضى العمل عمل و إن اقتضى أن لا عمل لم يعمل عنده خزائن الأمور بحكمه و مفاتيحها بيده ينزل بقدر ما يشاء و يخرج ما يشاء من غير اشتعار غواص في دقائق الفهوم عند ورود العبارات له نعوت الكمال له مقام الخمسة في حفظ نفسه و غيره ينظر في قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فلا يتعداه يدبر أمور الكون بينه و بين ربه كالمشير العالم الناصح في الخدمة القائم بالحرمة لا أينية لسره لا يبخل عند السؤال ينظر في الآثار الإلهية الكائنة في الكون ليقابلها بما عنده لما سمع اللّٰه يقول سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ يسمع نداء الحق من ألسنة الخلق يسع الأشياء و لا تسعه سوى ربه فهو ابنه و عينه مرتب للأوامر الإلهية الواردة في الكون ثابت في وقت التزلزل لا تزلزله الحادثات ليست في الحضرة الإلهية صفة لا يراها في نفسه يظهر في أي صورة شاء بصفة الحياة مع الوقوف عند المحدود يعرف حقه من حق خالقه يتصرف في الأشياء بالاستحقاق و يصرف الحق فيها بالاستخلاف له الاقتدار الإلهي من غير مغالبة لا تنفذ فيه همم الرجال و لا يتوجه للحق عليه حق يتولى الأمور بنفسه لا بربه لأنه لا يرى نفسه لغلبته ربه عليه تعود عليه صفات التنزيه مع وجود التشبيه يحصي أنفاسه بمشاهدة صورها فيعلم ما زاد و ما نقص في كل يوم و ليلة ينظر في المبدأ و المعاد فيرى التقاء طرفي الدائرة يلقى الكلمة في المحل القابل فيبدل صورته و حاله في أي صورة كان ما يطأ مكانا إلا حيي ذلك المكان بوطأته لأنه وطئه بحياة روحية إذا قام قام لقيامه ربه و يغضب لغضبه و يرضى لرضاه فإن حالته في سلوكه كانت هكذا فعادت عليه هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلاَّ الْإِحْسٰانُ لا يخطر له خاطر في شيء إلا تكون و لا يعرف ذلك الشيء أنه كونه له على الأشياء شرف العماء لا شرف الاستواء فهو وحيد في الكون غير معروف العين من لجأ إليه خسر و لا تقتضي حاجته إلا به فإنه ظاهر بصورة العجز و قدرته من وراء ذلك العجز لا يمتنع عن قدرته ممكن كما لا يمتنع عن قدرة خالقه محال ليصح الامتياز فهذا و إن تأخر بظاهره فهو متقدم بباطنه ليجمع في شهوده بين الأول و الآخر و الباطن و الظاهر بحسن للمسيء و المحسن يرجع إلى اللّٰه في كل أمر و لا ينتقم لنفسه و لا لربه إلا بأمره الخاص فإن لم يأمره عفي بحق لشهوده السابقة في الحال القليل عنده كثير و الكثير عنده قليل يجري مع المصالح فيكون الحق له ملكا يسبح أسماء اللّٰه بتنزيهها عن أن تنالها أيدي الغافلين غيرة على الجناب الإلهي من حيث كونها دلائل عليه دلالة الاسم على المسمى إن ولي منصبا يعطي العلو لم ير فيه متعاليا بالله فأحرى بنفسه يعدل في الحكم و لا يتصف بالظلم جامع علوم الشرع من عين الجمع مستغن عن تعليم المخلوقين بتعليم الحق يعطي ما تحصل به المنفعة و لا يعطي ما تكون به المضرة إن عاقب فتطهير لا تبقي مع نور عدله ظلمة جور و لا مع نور علمه ظلمة جهل يبين عن الأمور بلسان إلهي فيكشف غامضها و يجليها في منصتها يخترع من مشاهدة صورة موجدة لا من نفسه و ليس هذا لكل عارف إلا لمن يعلم المصارف فإنه مشهد ضنين له البقاء في التلوين يرث و لا يورث بالنبوة العامة يتصرف و يعمل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي يؤذي فيحلم عن مقدرة و إذا آخذ فبطشه شديد لأنه خالص غير مشوب برحمة قال أبو يزيد بطشي أشد فهذه صفة العارف عندي فتحقق فإن موطن هذا لمأخذ عزيز وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

(وصل)في تسمية هذا المقام بالمعرفة و صاحبه بالعارف

اختلف أصحابنا في مقام المعرفة و العارف و مقام العلم و العالم فطائفة قالت مقام المعرفة رباني و مقام العلم إلهي و به أقول و به قال المحققون كسهل التستري و أبي يزيد و ابن العريف و أبي مدين و طائفة قالت مقام المعرفة إلهي و مقام العلم دونه ربه أيضا أقول فإنهم أرادوا بالعلم ما أردناه بالمعرفة و أرادوا بالمعرفة ما أردناه بالعلم فالخلاف فيه لفظي و عمدتنا قول اللّٰه تعالى وَ إِذٰا سَمِعُوا مٰا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمّٰا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ فسماهم عارفين و ما سماهم علماء ثم ذكر ذكرهم فقال يَقُولُونَ رَبَّنٰا و لم يقولوا إلهنا آمَنّٰا و لم يقولوا علمنا و لا شاهدنا فأقروا بالاتباع فَاكْتُبْنٰا مَعَ الشّٰاهِدِينَ و ما قالوا نحن من الشاهدين و قالوا وَ مٰا لَنٰا لاٰ نُؤْمِنُ بِاللّٰهِ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست